استحبابه لا يبقى كي يمكن أن يؤتى به بهذا الداعي إلا بفرض الاشتداد وبقاء أصل الرجحان، وفي مثله يستحيل اعتبار قصد الرجحان المتحقق في ضمنه بل لابد أن يتعلق بذات المراد حتى تشتد الإرادة فتدبر.
وأما لو أريد من الوجوب نفس البعث بالانشاء لا الإرادة النفسانية فمضادته للاستحباب واضحة، والحركة والاشتداد من مرتبة الاستحباب البعثي إلى الوجوب البعثي غير معقولة لأنهما أمران اعتباريان بسيطان، واختلاف قول طبيعة الوجوب أو الندب على أفرادهما معقول إلا أن لازمه كون الطبيعتين مما يجري فيه التشكيك لا الحركة والاشتداد المختصين ببعض المقولات دون الكل فضلا عن الاعتبارات، وعليه فلو كان مناط الرجحان الذاتي استحبابه شرعا فلا محالة يزول الحكم الاستحبابي رأسا، ويثبت الحكم الوجوبي جدا فلا يمكن إتيان المقدمة بداعي استحبابه الذاتي، ولا مناص حينئذ إلا دعوى كفاية إتيانها بداعي مصلحتها النفسية (1) التي هي ملاك استحبابها ورجحانها الذاتي لكنه بعنوان كونها داعية للمولى لولا المانع فإنه نحو من الانقياد للمولى فيندرج تحت العنوان الحسن المضاف إلى المولى بذاته، أو دعوى أن المراد من رجحانها الذاتي حسنها الذاتي لا استحبابها الشرعي، ولا نعني بحسنها الذاتي ملائمتها للقوة الباصرة أو الشامة بل الحسن العقلي الذي يمدح عليه فاعله فان النظافة من