النظافة في ذاتها فمن الواضح أن الشئ ما لم يرتبط إلى المولى إما بنفسه، أو برابط لا يعقل التقرب به إليه، ولا استحقاق الثواب من قبله عليه كما فصلنا القول فيه سابقا في مسألة التعبدي والتوصلي، وإن كان المراد كونها مع قطع النظر عن غاياتها مستحبة شرعا فمن البين أن الوجوب والاستحباب متضادان فاجتماع كليهما معا محال فلا محالة يزول الضد الضعيف بطرو القوي، ولا يعقل ثبوت أصل الرجحان في نفس المولى إلا متفصلا بأحد الفصلين فليس الباقي إلا أمر بسيط وهو الوجوب الغيري الذي لا يوجب القرب ولا الثواب.
قلت: المراد استحبابها شرعا، وإن كان لحسنا ذاتا، ويندفع التوهم المزبور بناء على أصالة الوجود، وبقاء حقيقة الغرض عند الحركة والاشتداد من مرتبة إلى مرتبة فان ذات الإرادة الموجودة من أول الأمر باقية إلى الآخر غاية الأمر أنا تنتزع منها مرتبة ضعيفة في أول أمرها، ومرتبة شديدة في آخر أمرها لا أنها تنعدم وتوجد من رأس، وعليه فأصل الرجحان المحدود بحد عدمي وهو عدم وجدان مرتبة الشدة المنبعث عن ملاك نفسي موجود فعلا غاية الأمر أنه محدود في هذه الحال بحد آخر إذ المفروض أن الاشتداد دائما في الإرادة، ومنها و إليها، لا إلى غير الإرادة والمفروض بقاء الشخص والوجود الذي هو عين التشخص فاشتدادها لملاك غيري لا يوجب زوال ذاتها المنبعث عن ملاك نفسي