أن المراد بالعقل الحاكم بالاستحقاق هو العقل العملي الذي من شأنه أن يدرك ما ينبغي فعله، أو تركه أي القوة المميزة للحسن والقبح، ولكن باعتبار مدركاته، و هي المقدمات المحمودة والآراء المقبولة عند عامة الناس الموجبة لحكمهم بمدح الفاعل أو ذمه كما ذكر في محله فالموجبة لكذا وكذا هي المعقولات لا القوة التي ليس شانها إلا الادراك والمراد بالاستحقاق ليس إيجاب الثواب على المولى أو العقاب كما يشعر به لفظ الاستحقاق حتى يناقش فيه طرف الثواب إما لجواز الاكتفاء بالنعم العاجلة أو لأن حق المولى على عبده أن ينقاد له في أوامره ونواهيه فلا معنى لاستحقاق العبد عليه عوضا عنه بل المراد أن المدح والثواب على الإطاعة في محله نظير قولهم باستحقاق المدح والذم على فاعل القبيح و الحسن فإنه ليس المراد إيجاب المدح والذم على العقلاء بل المدح والذم على أحد الأمرين في محله.
نعم اقتضاء الأعمال الحسنة لصورة ملائمة في الدار الآخرة أو اقتضاء الأعمال السيئة لصورة منافرة في الآخرة لعلاقة لزومية بينهما أمر آخر يشهد بصحته العقل والشرع إلا أن الكلام في عنوان الاستحقاق عقلا المشترك بين العبيد ومولى الموالي، وبين ساير الموالي، ومنشأ هذا الحكم كما ذكرنا في محله ليس إلا حكم العقلاء باستحقاق فاعل العدل للمدح وفاعل الظلم للقدح لما في الأول من المصلحة العامة، ولما في الثاني من المفسدة العامة حيث إن في ذمة العقلاء بما هم عقلاء جلب ما فيه المصالح النوعية ودفع المفاسد النوعية إبقاء للنظام و دفعا للفساد فأول مراتب إيجاد المقتضيات ومدفع الموانع اتفاقهم على استحقاق فاعل الخير للمدح واستحقاق فاعل الشر للقدح، ومن الواضح أن زي الرقية و رسم العبودية يقتضي التمكين من المولى والانقياد له فإنه عدل وعدم الخروج