والشكاك محبوبا في الجملة، فإن فيه أنه يجب حمل أفعل التفضيل هنا على غير بابه جمعا بين هذا الخبر وغيره مما دل على اشتراط الايمان في الرجل فإن ذلك شايع ذايع، ومن ذلك قوله عز وجل (ما عند الله خير من اللهو) (1) الآية، وقوله عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان (2) وقد سأله أبوه عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال عليه السلام (نكاحهم أحب إلي من نكاح الناصبية) فإنه بمقتضى ما قاله يدل على جواز نكاح الناصبية مع أنه حرام نصا وإجماعا. ونحوها رواية أبي بصير المتقدمة الدالة على أن تزوجي اليهودية والنصرانية أفضل، أو قال: خير من تزويج الناصب والناصبية.
وبذلك يظهر لك أن الاستدلال بهذه الرواية على إسلام المخلفين أشد بعدا، لأن موردها المستضعف، فإنه هو المراد من غير النصاب ولا العارف، والناصب هنا بقرينة المقابلة بالعارف إنما أريد به المخالف كما تقدم في أخبار زرارة من قوله عليه السلام (اللواتي لا يعرفن ولا ينصبن) فإن ذلك مبني على نصب المخالفين وكفر هم، فلا يعبر عنهم إلا بهذا اللفظ.
وأما ما اشتهر بين المتأخرين من تخصيص الناصب بفرد آخر غير المخالف فهو باطل لا دليل عليه كما تقدمت الإشارة إليه.
الرابع: ما استدل به على ما اختاره من القول بالاسلام من الاجماع على اعتبار الاسلام، وعدم الدليل الصالح لاعتبار غيره فإنه باطل مردود بالأخبار الدالة على كفر القوم نصبهم وشركهم، وحل أموالهم ودمائهم، كما أوضحناه في كتابنا المتقدم ذكره بما لا يحوم حول شبهة للناظرين، والدليل الصالح لاعتبار الايمان قد عرفته ساطع البيان مشيد الأركان.
وأما صحيحة عبد الله بن سنان التي نوه بأنها أصح ما في الباب سندا وأظهر