قال في المسالك: واعلم أنه على القول الثاني يكون وجوب القيمة منوطا بمجرد العقد وإن لم يدخل بغير خلاف، بخلاف القول الأول فإن فيه وجهين، وكذا على الثالث، فإن الجهة التي توجب فيه القيمة تلحقه بالثاني، والذي توجب مهر المثل تلحقه بالأول، إنتهى.
وظاهر السيد السند في شرح النافع ترجيع الأول من هذه الأقوال الثلاثة حيث قال: وأجود الأقوال دليلا الأول، وهذا الترجيح مبني على القول بالصحة، بمعنى أنه لو قيل بالصحة لكان هذا القول أجود الأقوال المذكورة، وإلا فقد عرفت آنفا أنه قد رجح القول بالبطلان من بعد التوقف في المسألة، والله العالم.
المسألة الثالثة: لا خلاف بين الأصحاب في أن المهر لا يتقدر بقدر في جانب القلة إلا بأقل ما يتمول، أي بعد مالا.
وأما في جانب الكثرة، فالمشهور بين المتقدمين وعلى كافة المتأخرين أنه لا تقدر بقدر بل بما شاء.
ونقل الخلاف هنا صريحا عن المرتضى عليه الرحمة في الإنتصار، فإنه قال: ومما انفردت به الإمامية أن لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جياد قيمتها خمسون دينارا، فما زاد على ذلك رد إلى النسبة وهو ظاهر ابن الجنيد والصدوق في الفقيه، وكذا في الهداية (1) ورد ذلك بالآيات والروايات، قال الله عز وجل (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) (2).