وما رواه في التهذيب (1) عن محمد بن مسلم في الصحيح (قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينكح أمته من رجل أيفرق بينهما إذا شاء؟ فقال: إن كان مملوكه فليفرق بينهما إذا شاء، إن الله تعالى يقول: (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) فليس للعبد شئ من الأمر وإن كان زوجها حرا فإن طلاقها صفقتها) قوله عليه السلام (فإن طلاقها صفقتها) أي الطلاق الذي بيد المولى في هذه الصورة إنما هو بيعها كما تقدم.
وأما ما رواه الشيخ (2) عن علي بن سليمان (قال: كتبت إليه: جعلت فداك، رجل له غلام وجارية، زوج غلامه جاريته، ثم وقع عليه سيدها، هل يجب في ذلك شئ؟ قال: لا ينبغي له أن يمسها حتى يطلقها الغلام) فهو مع ضعف سنده شاذ لا يلتفت إليه بعد ما عرفت من هذه الأخبار المستفيضة، وقد حمله الشيخ على أن المعنى حتى نبين من الغلام وتعتد وتصير في حكم المطلقة، وذلك يكون بالتفريق الذي قدمناه، إنتهى.
وبالجملة فإن الحكم مما لا خلاف فيه كما عرفت، إنما الخلاف فيما لو لم تكن الزوجة أمة المولى بأن تكون حرة أو أمة لغيره، والمشهور بين الأصحاب أن الطلاق بيد العبد وليس للسيد إجباره على ذلك، ولا نهيه عنه، وذهب جمع منهم ابن أبي عقيل وابن الجنيد إلى نفي ملكية العبد للطلاق إلا بإذن السيد.
والأصل في هذا الخلاف ما عليه الأخبار من الاختلاف، فمما يدل على القول المشور ما تقدم ن رواية ليث المرادي ورواية أبي الصباح ورواية محمد بن الفضيل، إلا أن الأخيرة أظهر دلالة، حيث دلت على أن أمر الطلاق إلى العبد، بخلاف الأولتين، فإن غاية ما دلتا عليه أن طلاق العبد جائز، وهو لا ينفي طلاق السيد إلا أن يقال: إنه لا قائل بالتشريك بينهما في الطلاق، فحيث دلتا على جواز