الخلاف بين المشهور وابن إدريس، واحتجاج ابن إدريس بالأصل، وأنه ليس بمحرم ولا في حرم، فكيف يمنع من الصيد ونحوه؟ والجواب عن ذلك بأنه لا استبعاد بعد وجود النص، ويضمحل الأصل به. ويؤيده ما يدل على بعث الهدي من الآفاق والامساك كما سيجئ -: على أنه قد يقال: وجوب الامساك عن الصيد ونحوه غير معلوم، وإنما دل الدليل على وجوب الامساك عن النساء، ولا استبعاد في ذلك، كما إذا قصر المحصر لا تحل له النساء حتى يطوف، فإن معنى قولهم: (. لا يبطل احلاله) إنه لا تجب عليه الكفارة بالتحلل بل لما وقع التحلل باعتقاد أنه محل فلا شئ عليه. ولا ينافيه أن يكون باقيا على احرامه إلى أن يبعث في القابل. ولكن يلزم كونه باقيا على الاحرام من حين العلم لا من حين البعث، ولا شك أنه أحوط. بل الظاهر أن ذلك هو الواجب، لأن المحلل ما حصل في نفس الأمر، وكفاية زعمه غير ظاهر بعد العلم بفساد زعمه وظنه. فتأمل. انتهى.
أقول: وفيه: أن ظاهره موافقة ابن إدريس في عدم تحريم الصيد ونحوه من محرمات الاحرام إلا النساء. ولعله اعتمد في ذلك على موثقة زرارة المتقدمة، حيث نقلها سابقا في كلامه، إلا أنها غير صريحة بل ولا ظاهره في ذلك وإن أوهمته في بادي الرأي. والظاهر من كلام الأصحاب وصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة هو تحريم جميع محرمات الاحرام عليه من حين البعث لا خصوص النساء. وبالجملة فإنا نقول: إن هذا المحرم بعد احرامه قد حرم عليه جميع محرمات الاحرام، ولما أحصر وأذن له الشارع ببعث الهدي أو ثمنه، وأنه يعدهم بوقت، وجوز له الاحلال في ذلك الوقت إلا من النساء، ثم قصر وأحل في وقت الوعد بإذن الشارع