ثم أقول: لا يخفى أن ما طعن به في المدارك على الروايات المتقدمة من ضعف السند فقد عرفت في غير مقام من ما تقدم أنه غير مرضي ولا معتمد على أن بعض الأخبار المشار إليها صحيحة السند وإن كان لم ينقله أو لم يطلع عليه، وهو صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد.
والذي يظهر من سياقها هو خروج هذه الأخبار الأخيرة مخرج التقية، فإن العامة لا يرون طواف النساء في حج ولا عمرة (1) وظاهر الخبر أنه كان المعمول عليه يومئذ عدم طواف النساء، حتى أنهم استغربوا أمره (عليه السلام) بذلك، كما يشير إليه قوله: (لقد فتق عليكم إبراهيم ابن أبي البلاد فتقا) وسؤال كل واحد منهم على حدة منه (عليه السلام) ويشير إلى ذلك قوله (عليه السلام) في حديث عمر بن يزيد أو غيره (ولا بد له بعد الحلق من طواف آخر) حيث كنى عنه ولم يصرح به.
ومثله ما رواه في الكافي في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) (في الرجل يجئ معتمرا عمرة مبتولة؟
قال: يجزئه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وحلق أن يطوف طوافا واحدا بالبيت. ومن شاء أن يقصر قصر) أقول: قوله (طوافا واحدا) أي من غير ضم سعى إليه، فإن طواف النساء لا سعي فيه، فإن هذه الإشارات وعدم التصريح إنما يقع غالبا في مقام التقية. والرواية - كما ترى - صحيحة السند.
وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور. واتفاق الأصحاب عليه قديما