قال في المدارك بعد نقل ذلك عن المنتهى: وضعف الوجه الثاني من وجهي التردد معلوم من ما سبق.
أقول: أشار بما سبق إلى ما قدمنا نقله عنه من حمل فعل النبي (صلى الله عليه، آله) على الندب دون الوجوب. وقد عرفت ما فيه.
إلا أن الحلق الذي ذكره العلامة هنا في الوجه الثاني من وجهي التردد إنما استند فيه إلى الرواية العامية، حيث قال: إذا ثبت هذا فهل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي أم لا؟ فيه تردد، لأنه - تعالى - ذكر الهدي وحده (1) ولم يشترط سواه. وقال أحمد في إحدى الروايتين لا بد منه، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) حلق يوم الحديبية (2) وهو أقوى. هذه عبارته في المنتهى، فكان الأولى لصاحب المدارك رد الوجه الثاني بعدم ثبوته في أخبارنا.
أقول: والذي وقفت عليه في أخبارنا بالنسبة إلى ذلك هو رواية حمران المتقدمة (3) الدالة على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين صد بالحديبية قصر وأحل ونحر ثم انصرف. وظاهر قوله (عليه السلام) فيها: (ولم يحب عليه الحلق حتى يقضي النسك) هو أنه (صلى الله عليه وآله) لم يحلق إلى أن حج في فتح مكة وقضى المناسك.
ويدل على هذا المعنى صريحا وإن لم يتنبه له أحد من أصحابنا (رضوان الله - تعالى - عليهم) ما رواه في الكافي (4) في الصحيح عن