بهذين الخبرين أخذ القائلون الأول.
ومنها - حسنة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسم بالسوية وإنما يقسمها على قدر ما يحضرها منهم وما يرى ليس في ذلك شئ موقت ".
ومنها - حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال: " قلت له ما يعطى المصدق؟
قال ما يرى الإمام ولا يقدر له شئ ".
أقول: والمصدق هو الذي يجبي الصدقات بأمر الإمام عليه السلام وهو أحد الأفراد التي تصرف فيها الزكاة.
وأنت خبير بأن جملة من متأخري المتأخرين - ومنهم السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة حيث اختاروا القول الأخير - حملوا الخبرين الدالين على أنه لا يجوز أقل من خمسة دراهم على الفضل والاستحباب، وقد عرفت ما في هذا الجمع في ما تقدم في غير باب.
ولا يخفى أن الخبرين المذكورين ظاهران بل الثاني صريح في أنه لا يجوز أن يدفع أقل من ذلك فاخراجهما عن ذلك يحتاج إلى دليل، ومجرد وجود المعارض من الأخبار ليس بدليل ولا قرينة توجب ارتكاب التجوز في اخراج الخبرين عن ظاهريهما.
مع أن المحقق في المعتبر قد نقل أن القول بعدم التقدير مذهب الجمهور (3) وبذلك أيضا صرح السيد المرتضى (رضي الله عنه) في كتاب الانتصار حيث اختار فيه القول الأول فقال: ومن ما انفردت به الإمامية القول بأنه لا يعطى الفقير الواحد