من الزكاة المفروضة أقل من خمسة دراهم، ويروى أن الأقل درهم واحد، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك ويجيزون اعطاء القليل والكثير من غير تحديد، وحجتنا على ما ذهبنا إليه اجماع الطائفة وطريقة الاحتياط وبراءة الذمة. انتهى.
وحينئذ فلقائل أن يقول إن مقتضى القاعدة المقررة عن أهل العصمة (عليهم السلام) في اختلاف الأخبار هو حمل ما دل على عدم التحديد على التقية وهما صحيحة محمد بن أبي الصهبان وصحيحة محمد بن عبد الجبار.
وأما حمل الشيخ (قدس سره) لهما ومثله المحقق في المعتبر على أن المعطى من النصاب الثاني والثالث فإنه يجوز إذا أدى ما في النصاب الأول إلى الفقير أن يعطى ما وجب في النصاب الثاني غيره أو إليه بحيث لا يعطى أقل من ما وجب في النصاب الذي أخرج منه الزكاة. كذا ذكر في المعتبر - فقد رده المتأخرون عنه بالبعد وهو كذلك، بل الأظهر هو ما قلناه من الحمل على التقية، ولكنهم (رضوان الله عليهم) كما أشرنا إليه في غير موضع من ما تقدم قد أعرضوا عن العمل بهذه القاعدة المروية فوقعوا في أمثال هذه التكلفات البعيدة.
وأما حسنة عبد الكريم فليست ظاهرة الدلالة في المدعى لامكان حملها على عدم البسط، فإن سياق الرواية من أولها إنما هو الرد على عمرو بن عبيد المعتزلي ومن معه من العامة القائلين بوجوب البسط (1).
حيث إن صورة الخبر هكذا في احتجاجه عليه السلام على عمرو بن عبيد مع من معه (2) قال له " ما تقول في الصدقة؟ فقرأ عليه: إنما الصدقات للفقراء والمساكين.. إلى آخر الآية. قال عليه السلام نعم فكيف تقسمها؟ فقال اقسمها على ثمانية أجزاء فأعطى كل جزء واحدا. قال وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال نعم. قال