المعنيين المذكورين متجه، إلا أنه متى كان الأمر كذلك فإنه يصير لفظ الوجوب في الأخبار من قبيل اللفظ المشترك الذي لا يحمل على أحد معنييه إلا مع القرينة، ومجرد اختلاف الأخبار ووجود هذه الرواية في مقابلة هذه الصحيحة لا يكون قرينة على الاستحباب. وبالجملة فإن الجمع المذكور غير تام وإن اشتهر بينهم الجمع بين الأخبار بذلك في كل موضع وأنه قاعدة كلية في جميع أبواب الفقه في مقام اختلاف الأخبار إلا أنه لا دليل عليه. وأيضا فإنه متى قيل بالاستحباب وجواز.
التصرف في مال اليتيم فالقول بالوجوب وقوفا على ظاهر الصحيحة المذكورة أحوط وأولى كما لا يخفى.
وثانيا - أن الأظهر هو حمل الصحيحة المذكورة على التقية فإن الوجوب مذهب الجمهور كما نقله العلامة في المنتهى حيث قال: واختلف علمائنا في وجوب الزكاة في غلات الأطفال والمجانين فأثبته الشيخان وأتباعهما وبه قال فقهاء الجمهور ونقلوه أيضا عن علي والحسن بن علي (عليهما السلام) وجابر بن زيد وابن سيرين وعطاء ومجاهد وإسحاق وأبي ثور (1) انتهى.
أقول: ومن ما يؤيد القول الأول اطلاق جملة من الأخبار بأنه ليس في مال اليتيم زكاة، وظاهر قوله عز وجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " (2) وهو كناية عن ما يوجب محو الذنوب والآثام وهذا إنما يترتب على البالغ ومنه يظهر قوة القول المشهور.
وأنت خبير بأن ظاهر الصحيحة التي هي مستند الشيخين وأتباعهما إنما دل على الغلات خاصة وأما المواشي فلا دلالة فيه عليها وليس غير ذلك في الباب،