قبيل رب مشهور لا أصل له ورب متأصل ليس بمشهور.
وأما الحمل على الفرار بعد الوجوب ففيه أن ظواهر تلك الأخبار تأباه ولا ترضاه، حيث إنها ظاهرة في كون الفرار قبل وقت الوجوب كما هو المدعى منها والمستدل بها عليه، مثل رواية معاوية بن عمار (1) وقوله في آخرها " إن كان فربه من الزكاة فعليه الزكاة وإن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة، فإنه متى جعل محل التقسيم بعد تمام الحول ووجوب الزكاة اقتضى سقوط الزكاة عن من فعله ليتجمل به مع أنه لا قائل به بل الاتفاق على الوجوب. ولا جائز أن يحمل الفرار على ما بعد الحول وقصد التجمل على ما قبله لأنه يصير الكلام متهافتا منحل الزمام مختل النظام يجل عنه كلام الإمام الذي هو إمام الكلام كما هو بحمد الله ظاهر لذوي الأذهان والأفهام. ونحو ذلك مفهوم الشرط في موثقة إسحاق بن عمار وقوله فيها " إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة " ومثله مفهوم عبارة كتاب الفقه الرضوي، فإن مفهومهما الشرطي الذي هو حجة عند المحققين أنه إن لم يقصد الفرار فليس عليه زكاة، وهو باطل قطعا أما عرفت من أن التصرف في النصاب بعد حول الحول بالتغيير والتبديل أو السبك وغير ذلك لا يسقط الزكاة. وهكذا موثقة محمد بن مسلم فإن نفيه عليه السلام الزكاة عن الحلي محمول على ما قبل الحول البتة وقبل وجوب الزكاة وحينئذ فيكون هو محل الاستثناء.
وبالجملة فظهور هذه الأخبار في وجوب الزكاة بعد الحول مع قصد الفرار قبل تمام الحول من ما لا يستطاع أن ينكر كما لا يخفى على من تأمل بعين الانصاف ونظر وما أوردوه دليلا على هذا الحمل ليس فيه دلالة كما ادعوه وإنما غايته الدلالة على ما دلت عليه الأخبار الأولة وإن كان بوجه أوضح، وحيث كانت العبارة التي نقلها الراوي عن أبيه عليه السلام مجملة لا تفصيل فيها مثل الأخبار التي ذكرناها تأولها وحملها على الأخبار الأولة، وهو جيد بناء على العمل بظاهر تلك الأخبار.