وقعت قبل الحول كما هو مقتضى سياق الكلام - مناف لما تقدم من أنه لا يلزمه زكاة في هذه الحال، ووجه لزوم الزكاة هنا عقوبة إن أريد به من حيث قصد الفرار فهو مناف لما تقدم من الجواز وعدم الزكاة وإلا فلا يعلم لهذه العقوبة سبب.
والفرق في ذلك - بين الهبة وشراء الدار والأرض والمتاع مع قصد الفرار في الجمع - غير ظاهر.
وأما حمل الكلام على ما إذا كانت الهبة بعد الحول كما صار إليه بعض محققي متأخري المتأخرين فهو بعيد عن سياق الكلام، ولا يلائمه أيضا كون الزكاة عقوبة لأنها حينئذ واجبة بأصل الشرع، ولا يلائمه أيضا الفرق بين الهبة وشراء الدار ونحوها.
ويمكن أن يقال - والله سبحانه وقائله أعلم بحقيقة الحال أن المعنى أنه لما أخبر عليه السلام بأنه متى وهبها قبل الحول فرارا من الزكاة فلا شئ عليه قال له الراوي إنه يقدر على أخذها بعد حول الحول، أجابه عليه السلام بأنه كيف يقدر عليها وقد خرجت من ملكه بالهبة؟ قال له الراوي إنه وهبها بشرط يقتضي رجوعه فيها متى أراد، فأجابه عليه السلام متى كان كذلك فالهبة صحيحة وهذا الشرط فاسد لمنا فاته الهبة وتجب عليه الزكاة حينئذ عقوبة لهذا الشرط.
ثم إنه فرق بين الهبة على هذه الكيفية وبين شراء الدار ونحوها باعتبار أنه في الهبة شرط رجوعها فهذا الشرط أوجب عليه العقوبة بوجوب الزكاة وأما الشراء ونحوه فإنه من الأمور السائغة الجائزة والحال أن الشراء وقع قبل الحول كما هو المفروض.
قوله: " قال زرارة قلت له إن أباك.. " الظاهر أنه رجوع إلى الكلام الأول ولا تعلق له بهذه الجملة المتوسطة التي هي محل الاشكال، حيث إن مقتضى الكلام الأول أن الفرار قبل الحول غير موجب للزكاة، ومراده أن ما ذكرته من عدم الزكاة على من قصد الفرار قبل الحول مناف لما قال أبوك من أن من فر بها من