كما يدل عليه أيضا عدولهما إلى القول بما فيه مع مخالفته لأكثر الأخبار في جملة من المواضع حتى أن الأصحاب ينسبون تلك الأقوال إلى الشذوذ كما مر وسيأتي إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الشيخ في كتابي الأخبار قد حمل هذه الأخبار الأخيرة تارة على الاستحباب وتارة على الفرار بعد أن حال الحول.
واستدل على الثاني بما رواه عن زرارة في الموثق (1) قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن أباك قال من فر بها من الزكاة فعليه أن يؤديها؟ قال صدق أبي إن عليه أن يؤدي ما وجب عليه وما لم يجب عليه فلا شئ عليه منه. ثم قال لي أرأيت لو أن رجلا أغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلاته أكان عليه وقد مات أن يؤديها؟ قلت لا. قال إلا أن يكون أفاق من يومه. ثم قال لي أرأيت لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أكان يصام عنه؟ قلت لا. قال وكذلك الرجل لا يؤدي عن ماله إلا ما حال عليه الحول ".
وجملة المتأخرين حيث اختاروا عدم وجوب الزكاة مع الفرار تبعوا الشيخ في حمل هذا الأخبار فبعضهم اختار الحمل على الاستحباب وبعضهم الحمل على ما إذا كان الفرار بعد الحول.
وعندي في كلا الحملين نظر: أما الحمل على الاستحباب فلما أشرت إليه في غير موضع من أنه وإن اشتهر العمل به بين الأصحاب في الجمع بين الأخبار إلا أنه مع كونه لا دليل عليه من الأخبار وليس من القواعد المروية عن الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) في الجمع بين الأخبار مردود بأن الحمل على الاستحباب مع ظهور الأدلة في الوجوب مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة، واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز وإن كان قد جرت عادتهم في أبواب الفقه من أوله إلى آخره بحمل الأوامر في مقام الجمع على الاستحباب والنواهي على الكراهة إلا أنه من