وصحيحة يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام) (1) وفيها " ثم يصب الماء على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه " فإن ظاهرها من حيث اطلاقها واجمالها وورودها في مقام البيان وجواب السؤال عن الكيفية عدم وجوب الترتيب بين الرأس والجسد - فمقتضى الجمع بينه وبين ما تقدم تقييد اطلاق هذه الأخبار بالأخبار المتقدمة كما هو مقتضى القاعدة المسلمة.
وأما ما ورد في صحيحة هشام بن سالم (2) - قال: " كان أبو عبد الله (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة ومعه أم إسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها... الحديث " ففيه أن هشام المذكور قد روى القصة المشار إليها في الصحيح عن محمد بن مسلم (3) قال: " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه، فقال: ادن هذه أم إسماعيل جاءت وأنا أزعم أن هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام أول، كنت أردت الاحرام فقلت ضعوا لي الماء في الخباء، فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها، فقلت اغسلي رأسك وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فإذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك، فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة الماء فحلقت رأسها وضربتها، فقلت لها هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجك " ومن ثم حمل الشيخ (رحمه الله) ومن تأخر عنه الخبر الأول على وهم الراوي في النقل وغلطه.
واحتمل شيخنا صاحب رياض المسائل أن يكون الغسل المأمور فيه بغسل الجسد أولا وترك الرأس ليس غسل الجنابة بل غسل الاحرام، كما أشعرت به الرواية الثانية