المتأخرين: منهم - الفاضل الخراساني في الكفاية وشيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله ابن صالح البحراني (عطر الله مرقديهما) الأول، والمفهوم من كلام الأصحاب - كما تقدم في مسألة الماء المستعمل في الحدث الأكبر من نقل شطر من عبائرهم الدالة على النية بعد الارتماس في الماء - هو الثاني، وهو الذي سمعته من والدي (عطر الله مرقده) غير مرة، وهو الظاهر عندي: (أما أولا) - فلاطلاق الأخبار الواردة بالارتماس (1) فإنها أعم من أن يكون المرتمس خارج الماء بكله أو بعضه. و (أما ثانيا) - فلأن الغسل المأمور به شرعا ليس إلا عبارة عن غسل البشرة المقارن للنية، والغسل ليس إلا عبارة عن جري جزء من الماء على جزءين من البشرة بنفسه أو بمعاون كما صرح به الأصحاب (رضوان الله عليهم) ولا يخفى حصول جميع ذلك في موضع البحث، فإن المغتسل متى كان بعضه في الماء بل كله وقصد الغسل ثم دفع نفسه إلى موضع آخر بحيث اختلفت عليه سطوح الماء الذي به يتحقق الجريان، فقد حصل الغسل المطلوب شرعا.
ولم أقف لأحد من الأصحاب (رضوان الله عليهم) على كلام في هذا المقام سوى الفاضل الشيخ علي سبط شيخنا الشهيد الثاني، فإنه قال في كتاب الدر المنظوم والمنثور بعد نقل كلام في المقام: " وما أحدث في هذا الزمان - من كون الانسان ينبغي أن يلقي نفسه في الماء بعد أن يكون جميع جسده خارجا عنه - ناشئ عن الوسواس المأمور بالتحرز منه، ومن توهم كون الارتماس في الماء يدل على ذلك. وهذا ليس بسديد، لأن الارتماس في الماء يصدق على من كان في الماء بحيث يبقى من بدنه جزء خارج وعلى من كان كله خارجا، بل ربما يقال إنه صادق على من كان جميع بدنه في الماء ونوى الغسل بذلك مع حركة ما بل بغير حركة، ومثله ما لو كان الانسان تحت المجرى أو المطر الغزير فإنه لا يحتاج إلى أن يخرج أو يحصل له مكانا خاليا من نزول المطر أو الميزاب ثم يخرج إليه، وينبغي على هذا أن لا يجوز غسل الترتيب في حال نزول المطر عليه ونحو ذلك.