الغاية بعد لكن وجوبا موسعا لا يتضيق إلا بتضيق الغاية، وإلى ذلك يشير كلام المحدث الأمين الاسترآبادي (قدس سره) في تعليقاته على المدارك، حيث قال - بعد نقل كلام السيد (قدس سره) وتأويله كلام بعض مشايخه - ما صورته: " قلت: مقصوده بالوجوب المعنى المصطلح عليه فإنه صالح للنزاع والترجيح، وإن شئت تحقيق المقام فاستمع لما نتلو عليك من الكلام والله الموفق، فنقول: مقدمات الواجب المضيق كالصوم يجب تحصيلها قبل وقته، وبعض مقدمات الواجب الموسع وهو ما لا يسعه وقته كذلك، ومنه وجوب معرفة الصلاة وأجزائها قبل دخول وقتها، والغسل كالنية من شرائط صحة الصوم ومقدماته فيجب من الليل وجوبا موسعا، لأن الوجوب من باب المقدمة إنما يكون بحسبه وهو لا يقتضي إلا الوجوب الموسع، وما ثبت من أنه إذا كان من عادته استمرار نومه إلى طلوع الفجر لا يجوز له النوم اختيارا قبل الغسل يدل على وجوبه وجوبا موسعا، وأيضا تعلق تكليف الشارع بأمر في وقت غير منضبط غير مستقيم.
والله أعلم بحقائق أحكامه. وبعد ما عرضت ذات ليلة في خير البلاد هذه الدقيقة على الأستاذ العلامة والحبر الفهامة مجتهد زمانه ووحيد أوانه ميرزا محمد باقر الاسترآبادي (أطال الله بقاءه) سمعت منه أنه في عنفوان الشباب تفطن لهذه الدقيقة وذكرها للعالم الرباني مولانا أحمد الأردبيلي (رحمه الله) فلم يرض بها وطال البحث بينهما من غير فيصل، ثم رجع العالم المذكور إلى قوله وذكرها في بعض تصانيفه " انتهى كلامه زيد مقامه. وهو جيد إلا أنه سيأتي في مسألة وجوب الغسل لنفسه أو لغيره من ظاهر كلامهم ما يدل على الغفلة عن هذه المسألة.
وأما شرطية الغسل للصوم المستحب فهو قول الأكثر من أصحابنا (رضوان الله عليهم) ومال جملة من متأخري المتأخرين إلى العدم، وتحقيق المسألة مع ما يتعلق بها من الأخبار سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.