كما يفهم من الجمع المحلى. وأنت خبير بأن جميع تلك المعاني المذكورة للرأس مفهومة من الأخبار المروية عن العترة الأطهار، كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار ونظر بعين التأمل والاعتبار، لا أنه مجرد اجتهاد بحت وقول على الله بلا دليل، كما زعمه ذلك الفاضل الجليل نسجا منه على منوال طائفة من المتأخرين قد سموا أنفسهم بالأخباريين.
وادعوا أنهم وفقوا لتحصيل الحق واليقين واطلعوا على أسرار الدين التي قد خفيت على المجتهدين، كما يتبجح به مقدمهم في ذلك صاحب الفوائد محمد أمين ومما يمكن أن يستدل به من الأخبار على دخول الرقبة في حكم غسل الرأس حسنة زرارة المذكورة آنفا (1) حيث قال (عليه السلام): "... ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين... " فإن الخبر - كما ترى - ظاهر الدلالة بل صريح في دخول الرقبة في غسل الرأس، إذ لا تدخل في المنكبين قطعا، ولا تبقى متروكة بلا غسل قطعا، ولا تغسل عضوا واحدا بانفرادها قطعا، فتحتم دخولها في غسل الرأس وهو المطلوب، سواء كان اسم الرأس شاملا لها حقيقة أم مجازا، فلا يلتفت إذن إلى ما ذكره المعاصر (سلمه الله) واستظهره من خروج الرقبة عن الرأس كما عرفته، واستناده - فيما استظهره إلى أنه المعروف في كتب اللغة والشرع - وهم ظاهر، لأن غاية ما قاله أهل اللغة أن رأس الانسان معروف، وهو لا يفهم منه شئ، وأما في كتب الشرع فإن أراد بها كتب الفقهاء فقد عرفت دلالتها على دخول الرقبة في حكم غسل الرأس تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى، وإن أراد بها كتب الأخبار فلا يخفى أنه ليس في شئ دلالة ظاهرة فضلا عن الصريحة على خروجها عن حكم غسل الرأس، بل فيها ما هو صريح في دخولها كحسنة زرارة المذكورة آنفا، أما ما في صحيحة يعقوب بن يقطين (2) من عطف الوجه على الرأس لقوله (عليه السلام): "... ثم يصب الماء على