لكن تقديم الأيمن على الأيسر استفيد من خارج إن لم نقل بإفادة الواو الترتيب كما ذهب إليه الفراء، بل على الجمع المطلق أعم من الترتيب وعدمه كما هو رأي الجمهور، إذ لا قائل بوجوب الترتيب في الرأس دون البدن والفرق احداث قول ثالث، ولأن الترتيب قد ثبت في الطهارة الصغرى على هذا الوجه وكل من قال بالترتيب فيها قال بالترتيب في غسل الجنابة، فالفرق مخالف للاجماع المركب فيهما، وما ورد من الأخبار أعم من ذلك يحمل مطلقها على مقيدها. انتهى. ولا ريب في ضعف هذا الكلام لدخوله في باب المجازفة في أحكام الملك العلام. واستدل أيضا بوجوه أخر لا فائدة في التطويل بذكرها.
ولا بأس ببسط جملة من الأخبار الواردة في هذا المضمار زيادة على ما قدمناه ليظهر للناظر حقيقة الحال وجلية المقال:
فمن ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) (1) قال: " سألته عن غسل الجنابة. فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلاثا ثم تصب على سائر جسدك مرتين، فما جرى عليه الماء فقد طهر ".
وموثقة أبي بصير أو صحيحته (2) على الخلاف فيه وإن كان الأرجح الثاني قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة. فقال: تصب على يديك الماء فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تتمضمض وتستنشق وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات وتغسل وجهك، وتفيض على جسدك الماء ".
وصحيحة حكم بن حكيم (3) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة. فقال: أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها، ثم أغسل ما أصاب جسدك من أذى ثم اغسل فرجك، وأفض على رأسك وجسدك فاغتسل، فإن كنت في مكان