رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله... " فالظاهر أن المراد به التنصيص على غسل الوجه من قبيل عطف الجزء على الكل، لا لكونه خارجا عن اسم الرأس وأن غسل الرأس لا يشمله لو لم يذكر حتى تكون الرقبة خارجة عن غسل الرأس بالطريق الأولى، إذ لو تم ذلك لزم الاخلال بذكر غسل الوجه في الأخبار الخالية عن التصريح بالوجه مع ورودها في معرض البيان وجواب السؤال عن كيفية الغسل، فلا مندوحة عن التزام دخوله في الرأس البتة كالتزام دخول الرقبة فيه في حسنة زرارة بل في سائر الأخبار. هذا. والعجب منه (سلمه الله) أنه جعل المسألة من المتشابهات، والظاهر أنه عنى بها - كما فسره جماعة من الأخباريين - ما حصل فيه الاشتباه في نفس الحكم الشرعي بحيث لم يعلم وجهه ولذا عين فيها الاحتياط، والحال أنه استظهر خروج الرقبة عن حكم غسل الرأس كما هو صريح عبارته، فإن كان هذا الاستظهار علم مأخذه من الأخبار وظهر لديه صحته من الآثار، فالواجب عليه العمل بمقتضاه وعدم الالتفات إلى ما سواه، فمن أين يجب إذ ذاك الاحتياط؟ ومن أين تكون المسألة من المتشابهات التي حصل فيها الاشتباه؟ إذ مع الاستظهار للخروج لا اشتباه في الحكم الشرعي عنده، نعم الاحتياط أمر راجح للخروج عن عهدة التكليف على اليقين لكنه ليس بواجب على التعيين إلا مع عدم ظهور الحكم الشرعي واشتباهه، وإن كان منشأ هذا الاستظهار مجرد التخمين والاعتبار من غير دليل واضح من الأخبار، فهو خلاف ما يتفوه به (سلمه الله) من عدم تعدي الآثار والوقوف على مقتضى ما ورد عن الأئمة الأطهار، وبالجملة فالمسألة ليست من الشبهات كما ادعاه (سلمه الله) أما عندنا فلحكمنا يل جزمنا بدخول الرقبة في حكم غسل الرأس كما حققناه فيما سلف، وأما عنده فلتصريحه باستظهار خروجها عن غسل الرأس والشبهة لا تجامع ظهور أحد الطرفين كما هو ظاهر " انتهى كلام الوالد عطر الله مرقده.
أقول: حيث كان شيخنا المحدث الصالح (قدس سره) شديد التصلب في مذهب الأخباريين اجترأ قلمه على المجتهدين، وكان الوالد (نور الله تربته) شديد