- فلا دليل عليه، وأضعف منه ما ادعوه من تعدد المسببات بتعدد الأسباب، فيبقى ما ذكره الشيخ (رحمه الله) سالما مما ذكروه. نعم يبقي الاشكال فيما ذكره (قدس سره) من وجه آخر، وهو أنهم قد أجمعوا إلا من شذ على نجاسة الماء القليل بالملاقاة، والمشهور بينهم نجاسة الغسالة من الخبث، وقد أجمعوا أيضا من غير خلاف يعرف على أن ما كان نجسا قبل التطهير لا يكون مطهرا، فبناء على هذه المقدمات الثلاث متى اغتسل المكلف وعلى بدنه نجاسة لم تزل عنه بالغسل وإن كانت لا تمنع من وصول الماء إلى البشرة أو زالت عينها من ذلك الموضع إلى موضع آخر أو زالت عينها بالكلية ولكن تعدت غسالتها إلى موضع آخر من البدن، فالقول بصحة الغسل هنا بناء على هذه المقدمات الثلاث مشكل جدا، لأن الماء بملاقاة النجاسة لا ريب في تنجسه بناء على المقدمة الأولى وحينئذ فإن طهر ذلك الموضع الذي فيه النجاسة إذ لا منافاة عندنا بين نجاسته بالملاقاة وتطهيره كما تقدم تحقيقه في مسألة نجاسة الماء القليل بالملاقاة، إلا أنه بعد التعدي عن ذلك الموضع إلى موضع آخر خال من النجاسة يكون منجسا له بمقتضى المقدمة الثانية، والماء النجس لا يرفع حدثا، ولو بنى الحكم على طهارة الغسالة أو عدم انفعال القليل بالملاقاة زال الاشكال، والشيخ (رحمه الله) وإن لم يقل بعدم نجاسة القليل بالملاقاة إلا أنه قائل بطهارة الغسالة فيتجه كلامه هنا بناء على ذلك. وأما ما ذكره الفاضل المتقدم ذكره في توجيه كلام الشيخ فهو جيد إن وافق على ما ذكرنا، وإلا فالنظر متوجه إليه حسبما شرحناه.
وصرح العلامة في النهاية بالاكتفاء بغسلة واحدة لكن من إزالة النجاسة الحدثية والخبثية فيما إذا كان الغسل فيما لا ينفعل بالملاقاة كالكثير، وفي القليل بشرط أن تكون النجاسة في آخر العضو فإن الغسلة تطهره. وهو جيد بناء على القول بنجاسة الغسالة كما هو مذهبه (رحمه الله).
واعترضه الشيخ علي في شرح القواعد فقال بعد نقل ذلك عنه: " والتحقيق أن محل الطهارة إن لم يشترط طهارته أجزأ الغسل مع وجود عين النجاسة وبقائها في جميع