عدم رضا الشارع بذلك، إذ كثيرا ما يتفق التشاح في مثل الساعة والساعتين من زمان الخيار فضلا عن اليوم واليومين.
وبالجملة، فالغرر لا ينتفي بمسامحة الناس في غير زمان الحاجة إلى المداقة، وإلا لم يكن بيع الجزاف وما تعذر تسليمه والثمن المحتمل للتفاوت القليل وغير ذلك من الجهالات غررا، لتسامح الناس في غير مقام الحاجة إلى المداقة في أكثر الجهالات.
ولعل هذا مراد بعض الأساطين من قوله: " إن دائرة الغرر في الشرع أضيق من دائرته (1) في العرف " (2) وإلا فالغرر لفظ لا يرجع في معناه إلا إلى العرف.
نعم الجهالة التي لا يرجع الأمر معها غالبا إلى التشاح بحيث يكون النادر كالمعدوم لا تعد غررا، كتفاوت المكاييل والموازين.
ويشير إلى ما ذكرنا الأخبار الدالة على اعتبار كون السلم إلى أجل معلوم (3)، وخصوص موثقة غياث: " لا بأس بالسلم في كيل معلوم إلى أجل معلوم، لا يسلم إلى دياس أو إلى حصاد " (4) مع أن التأجيل إلى الدياس والحصاد وشبههما فوق حد الإحصاء بين العقلاء الجاهلين بالشرع.