ولكن يمكن أن يقال: إن السهو أيضا من الشيطان، فإن مبدأه هو الغفلة والتسامح والهاء النفس، وهو اختياري، ويتعقبه النسيان، فأصله ومبدؤه من الشيطان. ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وما أنسانيه إلا الشيطان﴾ (1) وقوله تعالى:
(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا) (2) والعلة المنصوصة في صحيحة محمد بن مسلم، ولكن لما لم نجد قائلا بذلك (3) صريحا من الأصحاب، بل ادعي إجماعهم على خلافه (4); فنحمله على الشك.
نعم يمكن أن يقال في السهو: إن تدارك ما نسيه المصلي ليس نفس مقتضى السهو، بل هو مقتضى أصل التكليف، فالمراد بعدم الاعتناء بالسهو ورفع حكمه هو عدم الاعتناء بما يتسببه، وهو ليس إلا سجدتي السهو، فإن إتيان الأجزاء المنسية في الصلاة أو في الخارج إنما هو لأجل اقتضاء أصل التكليف، بمعنى أنه نفس المكلف به على وجه، بخلاف صلاة الاحتياط، فإنها مما يمكن أن يصير بدلا عن المكلف به لو لم يفعله في الواقع، لا أنه بدل في الواقع، لعدم العلم بسقوطه في الواقع، ولذلك ورد في الأخبار أنها تحسب نافلة لو لم يكن في الواقع محتاجا إليها (5).
ولعل ما ذكرنا هو السر في اقتصارهم على سقوط سجدتي السهو دون تلافي ما فات.
ونقل عن جماعة من الأصحاب أنه لا حكم لشك كثير السهو (6)، فكأنهم جعلوا ذلك وجه الجمع بين الأخبار، وهو أيضا ليس بذلك البعيد بالنظر إلى العلة