الأمر ومشخص الأمر والبعث، كي يلزم رفعه أولا، حتى يصح رفع الجزء، ثم إثباته بالنسبة إلى الأجزاء الباقية حسب إطلاق أدلتها، فلا تغفل.
وأما إذا أردنا استناد العقاب إلى الأجزاء المعلومة في صورة ترك الكل، فمجرد كون الأقل منجزا على نعت الواسطة في التنجز - لأن الأكثر إذا ترك بترك الأقل يكون منجزا، وإذا ترك بترك الأكثر فلا يكون المتروك منجزا - غير كاف، لأن المشكلة ناشئة عن أن ترك الكل مستند إليهما على السواء، ولا مرجح لاستناده إلى الأقل، فترخيص الشرع بترك الأكثر دخيل في ترك المأمور به، فلا يكون المكلف عندئذ متجريا لأجل تنجز الأقل لو كان مورد التكليف النفسي.
فلو احتج المولى على العبد: بأنه " لم لم تصل " فله أن يجيب: " لقاعدة البراءة الشرعية المنتهية إلى ترك المطلوب طبعا ".
واحتجاج المولى بأنه ترك المأمور به بترك الأجزاء المعلومة المنتهية إلى ترك المطلوب ولو كان صحيحا، معارض باحتجاج العبد الصحيح أيضا، فالعقاب على ترك الكل من ناحية ترك الأجزاء المعلومة ممنوع، كما أن العقاب على ترك الكل بترك الجزء المشكوك، أيضا قبيح.
ولا معنى لاحتجاج المولى على ترك الأجزاء المعلومة، لأنها واجبات غير نفسية، ولا عقوبة عليها، فللمولى سؤال واحد، وهو عن تركه الصلاة مثلا، ولا يجوز أن يسأل عن أمر آخر وراء ذلك، وللعبد أن يجيب ب " أنه لم تكن فائدة في إتيان الأجزاء المعلومة بعد ترخيصك ترك الجزء المشكوك فيه ".
ولعمري، إن هذه المشكلة غير قابلة للحل إلا على ما سلكناه من جريان الاستصحاب المنتهي إلى لزوم إتيان الأكثر (1)، فتدبر.