سيأتي تحقيقه (1)، وأن اتحادهما يكون في الموضوع، وأما في المحمول ففي المتيقنة يكون الحمل جزميا، وفي المشكوك فيها يتردد المحمول إلا في الاستصحاب التعليقي، فلا تخلط. وأما استصحاب بقاء الشئ أو اعتبار الاستمرار فيه، فهو غلط.
نعم، لا بد من اتصال زمان القضيتين، فإن اليقين يتعلق هنا بالقضية، والشك شك في القضية، وحيث يمكن ذلك مع نقض الحالة السابقة نعتبر اتصال القضيتين زمانا، لما في نفس الأخبار من قوله (عليه السلام): " ولكن ينقضه بيقين آخر ".
مثلا: إذا علم بأن زيدا عالم، ثم علم بأنه صار جاهلا، ثم شك في علمه، يصدق " أنه كان على يقين بأن زيدا عالم " كما يصدق " أنه شاك فعلا في أنه عالم أم جاهل " إلا أنه لا يكفي مجرد اتحاد القضيتين، بل لا بد من اتصال زمان الشك في أنه عالم أم جاهل، بزمان اليقين بأنه كان عالما، وهذا لا يجتمع مع العلم في الزمان المتوسط بأنه صار جاهلا.
وإلى هذا ترجع حقيقة اشتراط اتصال زمان الشك باليقين، وإلا فلا معنى له، بل هو أمر واضح الفساد.
فما ترى هنا في كلماتهم من استفادة عنوان " الاستمرار " أو عنوان " البقاء " من هذه الأخبار، أو ترى فيها من عدم دلالة هذه الجمل والروايات على الاستمرار المعتبر، أو الشك في البقاء المعتبر في الاستصحاب، فكله ناشئ عن عدم الوصول إلى مغزى المسألة، والله تعالى هو الهادي.
فبالجملة: لا يعتبر في حجية الاستصحاب حديث الاستمرار والشك في البقاء، فإن هذه الأمور ترتبط بمثل الحركة والزمان والوجود، دون القضايا التصديقية البتية، أو المرددة المشكوك فيها.