إذا عرفت ذلك فلا بد هنا من القضية المتيقنة، وهي أمر مفروغ منه في هذه الأخبار، لأن الصدر سواء تصدى لإفادة الطهارة والحلية الواقعيتين، أو الظاهريتين، أو هما معا، يفيد العلم بهما وبتلك القضية الراجعة إلى مؤدى الأمارات، أو مؤدى الأصول وقاعدة الطهارة.
وحيث إن الحكم ثابت إلى حال المعرفة بالحرام والعلم بالطهارة، وهذه العناوين وإن لم تكن لها الطريقية والموضوعية، إلا أن مصداقها - على وجه الطريقية - مأخوذ في الأدلة حسب الفهم العرفي وبناء الأصحاب - رحمهم الله تعالى - فيحدث أمر ثالث: وهو الحالة الثالثة، وهو الشك والترديد، بعد اليقين بالطهارة والحلية والنظافة الواقعية والظاهرية بمقتضى الصدر، وعندئذ يستصحب مؤدى الدليل الاجتهادي والأصول.
وهذا الدليل الاجتهادي والأصول واحد جامع لأمور ثلاثة، كما هو مختار العلامة الخراساني في الحاشية (1)، خلافا لاختياره في " الكفاية " حيث جمع بين القاعدة والاستصحاب فقط (2).
وغير خفي: أن " كل شئ نظيف... " (3) يشتمل على قواعد خمس: الطهارة الواقعية، والظاهرية، والحلية الواقعية، والظاهرية، والاستصحاب، فإن المحرم أكله ليس بنظيف، ويكون قذرا في محيط الشرع. وربما يشعر بذلك عدم أخذ الشك في الصدر قيدا، كي يعلم أن الجهة التعليلية والتقييدية للشك أو الخلو منهما، لا مدخلية لها في ضرب القانون العام الكلي المنحل حسب اختلاف محاله.
نعم، دخالة الشك في كون الحكم ظاهريا، يستفاد بعد انحلال العام المذكور،