الاستصحاب، لاشتراك الجملة وسبقها - أن من توهم ارتباط المسألة بالعلم الاجمالي، قد غفل عن حقيقة ذلك العلم، فإنه في مورد يتباين الطرفان وجودا، كالإنائين والثوبين، وأما إذا صلى في الثوبين في زمان واحد، أو وقعت قطرة من إناء في إناء آخر، فلا يعلم إجمالا بأنه يصلي في النجس، أو يتوضأ من المتنجس، ضرورة أن مبدأ النجاسة ومنشأها وعدم العلم بخصوص موضع النجس، لا ينافي أنه يعلم تفصيلا بأنه يصلي في النجس، فليس المقام من موارد العلم الاجمالي بالضرورة، بل هو يعلم تفصيلا بتنجس ما يصلي فيه، وإذا غسل بعض تلك الناحية يزول علمه بالضرورة، ولكن مقتضى الاستصحاب وجوب غسل تلك الناحية، كي يكون على يقين من الطهارة.
إن قلت: إن أمره (عليه السلام) بالغسل مع أنه غير شاك، والشك هو ركن له، أو يكون مورد جريانه الشك، على خلاف موازين الاستصحاب، ويناسب العلم الاجمالي، ولذلك لم يستدل بتلك الفقرة إلا بعضهم.
قلت: بعد التفاته (عليه السلام) إلى حدوث الشك له طبعا، لأنه بحسب المتعارف يتدرج في غسله، يصح الأمر بالغسل، لأنه بعد غسل موضع منه يكون مأمورا - بحسب الظاهر - بالغسل، فيجوز للفقيه أن يأمره بغسل المجموع.
وتوهم: أنه يحتمل غسله دفعة، فلا يشك في زمان، ولذلك لم يستدل الجل بهذه الفقرة، في غير محله، ولا سيما بحسب رعاية تلك الأزمنة والأمكنة.
وبالجملة: أمره بالغسل لأجل وجود النجاسة المعلومة بالعلم الوجداني والتعبدي.
ويدل قوله (عليه السلام): " حتى تكون على يقين من طهارتك " على اشتراط الطهارة، لا اشتراط عدم النجاسة أو مانعيتها. كما يدل على نيابة الفقيه عن العوام في إجراء