ومن هنا يظهر اندفاع توهم: أنه كيف يكون الشق الأخير صغرى الكبرى، مع أن المفروض في الصغرى عدم الشك، وفي الكبرى فرض الشك؟! ويندفع بأن قوله:
" ثم رأيته " ليس ظاهرا في أنه رأى النجس الشخصي، بل هو بحث كلي.
ولا وجه لتوهم أن أمثال هذه المسائل ليست مجهولة لمثل زرارة، فإن مثله كان يجلس عنده (عليه السلام) ويفرض الأسئلة كي يكتب الأجوبة، ولعل لذلك صارت مضمرة، واطلع الشيخ (رحمه الله) على بعض رسائله دون غيره، فتندفع المشاكل والمناقشات.
ولو قيل: لا تجري قاعدة اليقين، ولكن قاعدة الطهارة تجري بعد عدم كون المفروض مسبوقيته بنجاسة ثوبه، ولا سبق الطهارة الجاري فيه الاستصحاب، فلا وجه لإيجاب الإعادة.
قلنا: بعد سقوط قاعدة اليقين حسب هذه الرواية بمقتضى الشق الأول، فإنه وإن كان بعد الشك مجرى قاعدة الطهارة، إلا أنه بالنسبة إلى الأجزاء السابقة قد أخل بما هو الشرط، وهو كونه محرز الطهارة، فعندئذ يعيد الصلاة، وعلى هذا يتم الحديث، وتنتفي المناقشات والمناقضة.
اللهم إلا أن يقال: إن الشرط هو إحراز الطهارة، وهو حاصل باليقين والجهل المركب إلى الأثناء، ثم بعد حصول الشك تجري القاعدة في حالة الشك، ثم تغسله بعد الرؤية، فيلزم المناقضة مع الشق الثاني.
ويمكن أن يقال: إن الشرط لو كان هو إحراز الطهارة الواقعية، فهو لا يحصل بقاعدة الطهارة، لأنها تفيد الطهارة الظاهرية، بخلاف الاستصحاب.
إلا أن لازمه عدم جواز الدخول في الصلاة بتلك القاعدة، وهو غير ملتزم به واحد وإن تنتفي به إشكالات الرواية.