وفيه: أنه خلاف الظاهر جدا، لقوله: " قلت: إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة " فإنه ظاهر في العلم التفصيلي. مع أن قوله (عليه السلام): " وإن لم تشك ثم رأيته " غير واضح بعد، لأن كلمة " ثم " لا معنى لها عندئذ. هذا مع بقاء كثير من الموهنات والمناقشات على حالها.
الوجه الثالث: وهو عندي ظاهر، وبه يظهر ضعف سائر الوجوه المذكورة هنا وفي محلها: وهو أن المفروض هو العلم التفصيلي، إلا أنه بعد ما رأى في أثناء الصلاة شيئا وهو يابس - بقرينة الرطب المذكور في الشق الثاني - يكون الشك ساريا، حسب الطبع والمتعارف، وينقلب علمه بنجاسة ثوبه إلى الشك فيها، فلا بد من إعادة صلاته، لعدم تمكنه من إحراز الطهارة بالاستصحاب، وليست القاعدة حجة مثلا، فلا يقاس ما في الصدر ولا ما في الذيل والشق الثاني بالشق الأول.
كما يتبين وجه حل المناقشات، ووجه ذكر الرطوبة، فإنه بها يكون الشق الثاني مورد الاستصحاب، دون الشق الأول. ويظهر أن قوله (عليه السلام): " إذا شككت في موضع منه ثم رأيته " مقيد بكلمة " يابسا " بقرينة ما في الشق الثاني.
وأما استعمال كلمة " ثم " بل جملة " إذا شككت ثم " فذلك لأنه لو كان رأى دفعة لكانت الطهارة محرزة، ولا تجب الإعادة حسبما تحرر في محله، بخلاف ما إذا شك وطال مقدار يصح استعمال كلمة " ثم " فإنه تجب الإعادة، لأنه في ذلك المقدار لم يحرزها، فيلزم أن يعيدها، لكونه مورد قاعدة اليقين، بخلاف الشق الثاني، فإنه في ذلك المقدار المشكوك يجري الاستصحاب، والمفروض أنه لم يشك في موضع منه بقرينة الشق الأول، ولكنه شك في وجود الدم أو المني من غير كون مصب المشكوك ناحية خاصة، بقرينة كلمة " ثم رأيته " الظاهرة في أنه مضى عليه زمان وهو شاك، ثم رأى الدم، وبقرينة التعليل المفروض فيه الشك.