وفي الثاني: ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة، فإن صلينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة، فقال: إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك، ثم عد فيها. الحديث (1). وفيه نظر، لعدم ظهور الصحيحين فيما ذكر، وعدم شاهد على الجمع، مع أنه ليس بأولى من الجمع بالعكس بحمل وقت الفريضة في الأولى على آخر وقت الإجزاء، ويكون العمل على الرواية الأخيرة من تقديم صلاة الكسوف كما عليه بعض الجماعة، وحيث وقع التعارض بين هذين الجمعين ولا مرجح لأحدهما في البين تعين التخيير بين الأمرين مع تأيده زيادة على ما قدمنا بأنه: لا معنى لتضيق وجوب أحدهما بمجرد معارضته للآخر مع كونه في أصل الشرع موسعا.
وبالجملة: لا ريب في التخيير وإن كان تقديم الحاضرة أولى، لأهميتها في نظر الشارع، مع كثرة ما يدل على لزوم تقديمها نصا وفتوى (ما لم يتضيق) وقت (الحاضرة فيتعين للأداء (2)) إجماعا كما في المنتهى (3) والمدارك (4) والذخيرة (5) وغيرها، للنصوص المتقدمة الدالة عليه بظاهرها، بل بصريحها، مع استلزام تقديم الكسوف حينئذ الإخلال بالواجب لا لضرورة.
ومنه يظهر الحكم بوجوب تقديم الكسوف لو انعكس الفرض بأن تضيق وقتها واتسع الحاضرة، وعليه الاجماع في الكتابين الأخيرين أيضا. وإن تضيق وقتهما معا قدمت الحاضرة إجماعا كما في التنقيح (6)، ونفى عنه الخلاف في