ويعضد ذلك ما نقله في المنتهى عن الشافعي - ونقله الشارح نفسه في صدر البحث عن النيشابوري - من اجماع المفسرين على أن نزول الآية المذكورة في حصر الحديبية (1).
وحينئذ فإذا ثبت أن المراد بالحصر في الآية المذكورة ما يشمل الصد بالمعنى المذكور فالله - سبحانه - قد أوجب فيه الهدي، لقوله: فما استيسر من الهدي (2) أي فعليكم، كما ذكره في المجمع. فالآية ظاهرة في المراد عارية عن وصمة الإيراد. وتعضدها الأخبار المتقدمة.
وأما قوله -: وفعل النبي (صلى الله عليه وآله) لم يثبت كونه بيانا للواجب - فهو مردود بما تقدم تحقيقه في كتاب الطهارة، في مسألة وجوب الابتداء في غسل الوجه بالأعلى، من الوجوه التي ذكرناها ثمة حيث إن الآية دلت على الغسل بقول مطلق، والوضوءات البيانية دلت على الابتداء بالأعلى. ومثله ما نحن فيه، فإن الآية قد دلت على ما تيسر من الهدي في مرض كان أو عدو كما عرفت، والنبي (صلى الله عليه وآله) قد فعله بيانا، وهو الحافظ للشريعة والمبلغ لا حكامها.
هذا ما أراده العلامة (قدس سره) من وجه الاستدلال، فإنه بنى الكلام في الخبر على ما ذكره من معنى الآية، لا أن المراد ما توهمه من أن مجرد فعل النبي (صلى الله عليه وآله) أعم من الوجوب والندب.
ومع قطع النظر عن ما ذكرناه فإن للمستدل أن يتمسك بما ذكره من استصحاب حال الاحرام، والاستصحاب هنا دليل شرعي باتفاق الأصحاب - كما تقدم في مقدمات الكتاب - فإن مرجعه إلى عموم الدليل