شك ولا شبهة، ولهذا أن أصحابنا كملا متقدميهم ومتأخريهم إلا الشاذ النادر قد اتفقوا على التحليل بالمعنى الذي ندعيه لما فهموه من هذه الأخبار، وإنما اختلفوا كما عرفت من ما أسلفناه في عموم التحليل أو تخصيصه بالمناكح أو مع الحاق المساكن والمتاجر، وكذا اختلفوا في عمومه بالنسبة إلى جميع ما فيه الخمس أو التخصيص ببعضها، وكذا اختلفوا في دوام التحليل أو تخصيصه بحال وجودهم (عليهم السلام) فأصل التحليل من ما لا إشكال فيه عندهم، ومن الظاهر أن هذه الاختلافات إنما ترتبت على التحليل بالمعنى الذي ندعيه لا بمعنى جواز التصرف قبل اخراج الخمس كما فسر به الأخبار.
وأما ثانيا - فإن ما ذكره في كتاب زاد المعاد من أن الظاهر من الأحاديث المعتبرة.. إلى آخره - لم يرد إلا في مرسلة أحمد بن محمد ومرفوعة حماد بن عيسى خاصة، وجل الروايات وأكثرها إنما دلت بعد الوصول إليه على التحليل كما عرفت من روايات القسم الثالث وهي أكثر عددا وأصح سندا وأصرح دلالة.
وأما ما ذكره في رد القول بتحليل حصته عليه السلام في زمان الغيبة - من أنه لم يرد عنه ما يدل على التحليل - فمردود بما نقلناه من التوقيع الذي رواه الصدوق كما قدمناه في القسم الثالث فإنه صحيح صريح في التحليل.
وأما ما استند إليه من أمر السفراء في زمن الغيبة الصغرى فهو قياس مع الفارق فإن مراد أصحابنا بزمان الغيبة هو زمان الغيبة الكبرى التي لا يمكن الوصول إليه فيها بالكلية لا ما توهمه من الغيبة الصغرى، فإن هذا إنما هو من قبيل الحضور وعدم التمكن من الوصول إليه بمنزلة الإمام الذي يكون في حبس الظلمة كالإمام الكاظم عليه السلام مدة كونه في حبس الرشيد (1) بل هذا أظهر في الحضور للتمكن من استعلام الأحكام منه عليه السلام في كل ساعة وإن كان بالواسطة بخلاف الكاظم (عليه السلام) وبالجملة فإن ما ذكره ليس من محل البحث في شئ.