(لا يقال) هذا الحديث مرسل فلا نعمل عليه (لأنا نقول) الحجة في قول الفقهاء فإنه يجري مجرى الاجماع، وإذا تلقت الأمة الخبر بالقبول لم يحتج إلى سند. ثم نقل احتجاج الشيخ برواية إسحاق بن المبارك المذكورة في كلام المحقق وأنه عليه السلام أطلق استحباب التفرقة من غير تفصيل. ثم قال: والجواب أنه ليس دالا على المطلوب إذ لا تقدير فهي لاعطاء الفقير، وترك التفصيل لا يدل على صورة النزاع بالخصوص إذا قام هناك معارض.
قال الشيخ في الإستبصار: يحتمل هذه الحديث أشياء: منها أن جواز التفريق في حال التقية لأن مذهب جميع العامة يوافق ذلك ولا يوافقنا على وجوب اعطاء رأس لرأس واحد. ومنها - أنه ليس في الخبر تجويز تفريق رأس واحد فيجوز أن يكون إشارة إلى من وجبت عليه عدة أصواع. ومنها - أن عند اجتماع المحتاجين وأن لا يكون هناك ما يفرق عليهم يجوز تفريق الرأس الواحد. وكلامه (قدس سره) هنا يدل على وجوب اعطاء رأس لرأس ولم يتعرض للتأويل بالاستحباب كما ذكره في التهذيب. وما ذكره من المحامل الثلاثة جيد ولا سيما المحملين الأولين.
ثم العجب أيضا من المحقق ومن تبعه في المقام أنه مع ثبوت تعارض الخبرين المذكورين واعترافهم باطباق العامة على جواز التشريك في صاع كيف عملوا بخبر التشريك الموافق للعامة واطرحوا ما قابله ردا على أئمتهم في ما وضعوه لهم من القواعد عند اختلاف الأخبار وهو عرض الخبرين على مذهب العامة والأخذ بما خالفهم كما استفاضت به نصوصهم (1) فليت شعري لمن أخرجت هذه الأخبار ومن خوطب بها غيرهم وهم قد ألقوها وراء ظهورهم؟ فتراهم في جميع أحكام الفقه لا يلمون بشئ من تلك القواعد بل مهدوا لأنفسهم قاعدة الجمع بين الأخبار بالكراهة والاستحباب التي لم يرد به سنة ولا كتاب، نسأل الله تعالى المسامحة لنا ولهم من هفوات الأقلام وزلات الأقدام.