ورد باحتمال حمل الرواية على أن المراد مجئ مفسد الصلاة مانع من الوجوب، إذ شرط تأثير المؤثر ارتفاع المانع.
وأجيب بأن حمل الكلام على هذا المعنى مما يكاد يلحقه بالمعميات والألغاز، بل الاغراء بالجهل والخطاب بما له ظاهر مع إرادة خلاف ظاهره من غير نصب قرينة عليه، وقد ثبت استحالته على الحكيم في الأصول. فلا يليق نسبته إلى سادات الأنام وأبواب الملك العلام (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
والتحقيق عندي هو ما أفاده بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين، من أن الرواية المشار إليها لا دخل لها في البين ولا تعلق لها بشئ من القولين، وذلك فإن الغرض اللازم من الغسل هو رفع الحدث أو الاستباحة، والرواية قد دلت على سقوط الغسل بطرو الحدث الذي لا يمكن رفعه ولا استباحة الصلاة مع وجوده، إذ التكليف به والحال كذلك تكليف بما لا يطاق، وهو خارج عن حيز الوفاق ولا دخل للوجوب الذاتي أو الغيري فيه، وحينئذ فكما أن الرواية المذكورة ترد القول بالوجوب النفسي باعتبار عدم صحة الغسل في تلك الحال مع أن قضية الوجوب النفسي ذلك، كذلك ترد القول بالوجوب الغيري باعتبار ما اتفق عليه القائلون بذلك من صحة الغسل قبل وقت الغاية واجزائه عن الواجب بعده، مع أنه في تلك الحال غير صحيح ولا مجزئ عن الواجب، وأيضا فإنه بعد زوال المانع المذكور يرجع السبب إلى مقتضاه ويعود الخلاف بحذافيره، ومن ذلك يعلم الكلام في باقي الأخبار. نعم ربما أوهم قوله في موثقة عمار: " إن شاءت أن تغتسل فعلت " صحة الاتيان بالغسل حينئذ وارتفاع حدث الجنابة. وفيه (أولا) - أن ما عدا هذه الرواية مما هو أكثر عددا وأصرح دلالة قد دل على تأخير الغسل وجعله مع الحيض غسلا واحدا. و (ثانيا) - أن الفريقين متفقون على عدم حصول الرفع والاستباحة بالغسل في تلك الحال، فلا ثمرة حينئذ لهذه الصحة ولا أثر يترتب عليها في ذلك المجال، مع أن قوله فيها: " فإذا طهرت