وأما حمل المحدث الكاشاني في الوافي - التوضؤ المأمور به على تطهير البدن بالغسل - فظني بعده.
وظاهر الصدوق (قدس سره) في الفقيه القول بمضمون الرواية المذكورة، حيث قال: " ولا بأس أن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب، إلى أن قال: وينام في المسجد ويمر فيه " ومثله في المقنع، وظاهره تخصيص الإباحة بالنوم من أفراد اللبث، ولم يذكر التوضؤ الذي في الرواية.
وكيف كان فهو محجوج بالآية والرواية المستفيضة، فروايته مطروحة لمخالفتها القرآن الذي هو المحكم في الأخبار عند تعارضها، بل مع عدم التعارض أيضا كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب، وضعفها عن معارضة ما ذكرنا من الأخبار.
وبذلك يظهر لك ما في كلام بعض محققي متأخري المتأخرين، حيث قال - بعد نقل الرواية المذكورة ونقل كلام المعتبر واحتمال الحمل على التقية - ما صورته: " ولا يذهب عليك أنه لو لم تكن الشهرة العظيمة بين الأصحاب لأمكن الجمع بين الروايات بحمل ما تقدم على الكراهة وبحمل هذه الرواية على نفي الحرمة، لكن الأولى اتباع الشهرة " انتهى.
ولا أراك في شك من ضعف هذا الكلام إن أحطت خبرا بالقواعد المقررة عن أهل الذكر (عليهم السلام) والعجب منه (قدس سره) ومن أمثاله أنهم يعتمدون على الشهرة بين الأصحاب ويلتجؤون إليها في جميع الأبواب، ويتركون الشهرة في الأخبار التي هي أحد المرجحات المروية في هذا المضمار، ويبنون في الجمع بين الأخبار على ارتكاب المجاز في الأمر والنهي. وفيه - مع أنه لا مستند له في الشريعة - أنه لا قرينة ثمة لتكون الوسيلة إلى ذلك والذريعة، وقد تقدم لك في مقدمات الكتاب ما في البناء على هذه القاعدة من الاضطراب.
بقي هنا شئ وهو أن المحرم هنا إنما هو اللبث أما الاجتياز فهو جائز بالآية