وبالماء القراح واطراح فيه سبع ورقات سدر ".
قال في الذكرى بعد ذكر هذا الخبر: " وفي هذا الخبر غرائب " أقول: لعل ذلك من حيث دلالته بظاهره على أنه تولى تغسيل الإمام (عليه السلام) مع ما علم من الأخبار أنه لا يغسله إلا إمام مثله، ومن حيث دلالته على عصر بطنه مع النهي عنه في الأخبار، ومن حيث دلالته على عدم الترتيب بين المياه الثلاثة والأخبار والاجماع - كما عرفت - على خلافه.
إلا أنه يمكن الجواب عن الأول بأن الضمير في " بطنه " يعود إلى الميت المفهوم من قرائن المقام أو المتقدم في سابق هذا الكلام، إذ الظاهر أن هذا كلام مقتطع من حديث قبله.
ومن العجب أن الأصحاب إنما استدلوا لأبي الصلاح أو نقلوا الاستدلال عنه برواية ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " في كل غسل وضوء إلا غسل الجنابة " مع أن هذه الأخبار التي ذكرناها واضحة الدلالة صريحة المقالة في مذهبه. وأعجب من ذلك أن المحقق في المعتبر أجاب عن هذه الرواية بعدم الصراحة في الوجوب وأنها كما تحتمل الوجوب تحتمل الاستحباب، وتبعه في هذا الجواب جملة من المتأخرين كالشهيدين وغيرهما، مع أنهم في غير موضع يستدلون بهذه الرواية على وجوب الوضوء مع الغسل كما تقدم البحث فيه في باب الجنابة.
واستدل على نفي الوضوء هنا بالأخبار الكثيرة الدالة على بيان الكيفية مع خلوها من التعرض لذكره والمقام مقام البيان. أقول: لقائل أن يقول أن غاية هذه الأخبار أن تكون مطلقة والقاعدة تقتضي تقييدها بالأخبار الدالة على وجوب الوضوء فلا منافاة. نعم صحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمة (2) ظاهرة في نفيه حيث إن أصل السؤال إنما وقع عن الوضوء في غسل الميت يعني وجوبه فخرج الجواب ببيان الكيفية عاريا عن التعرض له بنفي أو اثبات، ولا ريب أن اضراب الإمام (عليه السلام) عن ذلك أنما يكون لعلة.