قيل: ولعل خطابهما (عليهما السلام) مع أهل مكة ونحوهم الذين يكتفون بتلقين كلمة التوحيد، وفي الوافي بعد نقل الخبر المذكور: وذلك لأنهم مستغنون عن تلقين التوحيد لأنه خمر بطينتهم لا ينفكون عنه " انتهى. أقول: فيه أن ظاهر كلامه تخصيص ذلك بالأئمة بمعنى أن المراد بموتانا يعني من الأئمة وهو بعيد غاية البعد فإنهم (عليهم السلام) حال موتهم لا يحتاجون إلى تلقين كلمة التوحيد ولا غيرها، ولهذا لم يرد في شئ من أخبار موت النبي (صلى الله عليه وآله) ولا أحد من الأئمة (عليهم السلام) تعرض لتلقينهم، وخطاب الأمر بالتلقين إنما توجه لغيرهم بأن يلقن بأسمائهم مضافا إلى كلمتي الشهادة، وأيضا فإن الأمر بالتلقين إنما هو لدفع وساوس الشياطين الذين يعرضون لابن آدم عند الموت كما تقدم في الأخبار والشياطين لا تسلط لهم عليهم، وأيضا كما أن طينتهم معجونة بالتوحيد فهي بالرسالة أشد لأنهم من مواليد عنصرها وأغصان شجرها.
وإن أراد ما عداهم من بني هاشم ففيه أن ظاهر خبري القداح والحلبي (1) الدالين على تلقين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) لمن حضراه من بني هاشم كلمات الفرج يرد ما ذكره. وبالجملة فإن كلامه عندي غير موجه وإن تبعه فيه غيره أيضا. والأظهر عندي في معنى الخبر المذكور أن معنى قوله: " تلقنون موتاكم كلمة التوحيد " يعني خاصة من غير اردافها بكلمة الرسالة، وكأنه إشارة إلى ما يقوله العامة يومئذ من الاقتصار على تلك الكلمة، ومراده أن ذلك هو المعمول في بلادكم وأما نحن يعني معشر الأئمة (عليهم السلام) فإنا نأمر شيعتنا وموالينا ونفعل بمن حضرناه منهم تلقين الرسالة زيادة على كلمة التوحيد لا أن المراد تلقين الرسالة خاصة، ويحتمل أن يكون خطابهما (عليهما السلام) إنما هو لبعض المخالفين لا الراويين المتقدمين وإن نقلا ذلك مجملا، وأمثال ذلك غير عزيز في الأخبار.
(الرابعة) - ظاهر الأخبار المذكورة متابعة المريض للملقن فيما يقول وهو