ممكن بالمشاهدة ونحوها من الأمور المثمرة له والاستبعاد غير مسموع، وباستلزامه سقوط الواجب عند عدم العلم بقيام الغير به، وبأن الوجوب معلوم والمسقط مظنون والمعلوم لا يسقط بالمظنون.
أقول: والظاهر بناء على ثبوت ما ذكروه من الوجوب كفاية هو القول الأول لما ذكره شيخنا المشار إليه فإنه الأوفق بالقواعد الشرعية، إلا أني لا أعرف لهذا القول - وإن اشتهر بينهم بل ادعى عليه الاجماع - دليلا يعتمد عليه ولا حديثا يرجع فيه إليه، ولم يصرح أحد منهم بدليل في المقام حتى من متأخري المتأخرين الذين عادتهم المناقشة في الأحكام وطلب الأدلة فيها عنهم (عليهم السلام) وكأن الحكم مسلم الثبوت بينهم. مع أن الذي يظهر لي من الأخبار أن توجه الخطاب بجميع هذه الأحكام ونحوها من التلقين ونحوه من المستحبات أيضا إنما هو إلى الولي، كأخبار الغسل وأخبار الصلاة والدفن والتلقين ونحوها كما ستقف عليها إن شاء الله تعالى في مواضعها، وأخبار توجيه الميت إلى القبلة وإن لم يصرح فيها بالولي إلا أن الخطاب فيها توجه إلى أهل الميت دون كافة المسلمين فيمكن حمل اطلاقها على ما دلت عليه تلك الأخبار. ولا أعرف للأصحاب مستندا فيما صاروا إليه من الوجوب الكفائي إلا ما يظهر من دعوى الاتفاق حيث لم ينقل فيه خلاف ولم يناقش فيه مناقش، ومما يؤكد ما ذكرنا ما صرح به في الروض في مسألة ما يستحب أن يعمل بالميت حال الاحتضار حيث قال: " واعلم أن الاستحباب في هذا الموضع كفائي فلا يختص بالولي وإن كان الأمر فيه آكد، وفي بعض الأخبار وروايات الأصحاب ما يدل على اختصاصه بذلك " ثم نقل في حاشية الكتاب عن العلامة في النهاية أنه قال:
والأقوى أنه إذا تيقن الولي نزول الموت بالمريض أن يوجهه إلى القبلة... إلى آخره، ثم حكى حديثا يظهر منه ذلك. انتهى. ولا يخفى ما في الخروج عن مقتضى الأخبار الدالة على الاختصاص - كما اعترف به - من غير دليل من المجازفة، ولا ريب أن الواجب هو العمل بمقتضى الدليل من الأخبار المشار إليها. نعم لو أخل الولي بذلك ولم يكن ثمة