قبل أن يغسل، ويعضده أصالة البراءة وانتفاء العموم في الأخبار الموجبة بحيث يتناول كل ميت ".
أقول: لا يخفى أن أكثر الروايات المتقدمة مطلقة في وجوب الغسل على من مس ميتا، مثل صحيحة حريز أو حسنته ورواية عبد الله بن سنان الأولى وصحيحة عاصم بن حميد وصحيحة إسماعيل بن جابر وصحيحة معاوية بن عمار (1) وصحيحة الحلبي (2) وصحيحة محمد بن مسلم (3) فإنها كلها مطلقة في وجوب الغسل بالمس بعد البرد شاملة باطلاقها للشهيد وغيره. وأما ما دلت عليه صحيحة الصفار (4) من قوله (عليه السلام): " إذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل " وهي التي تشعر بما ذكروه - فيمكن الجواب عنها بأن هذا القيد خرج بناء على ما هو الغالب المتكرر فلا يدل على تقييد اطلاق تلك الأخبار الكثيرة، وبذلك يظهر لك ما في دعوى صاحب المدارك (أولا) - أن ظاهر الروايات أن الغسل إنما يجب بمس الميت الذي يجب تغسيله قبل أن يغسل، فإن أكثر الروايات - كما عرفت - مطلق لا اشعار فيه بما ذكره وإنما ذلك في صحيحة الصفار خاصة. و (ثانيا) - دعواه انتفاء العموم في الأخبار الموجبة بحيث يتناول كل ميت، فإنه ليس في محله لما عرفت من شمول الأخبار المذكورة باطلاقها للشهيد وغيره من الأموات. ووقوع السؤال في بعضها عمن غسل ميتا لا اشعار فيه بما ادعوه، لأن هذا أحد أفراد المس الذي يترتب عليه الغسل، وأي ظهور في العموم أظهر من صحيحة عاصم بن حميد (5) وقوله: " سألته عن الميت إذا مسه الانسان فيه غسل؟ فقال: إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل "؟ ونحوها صحيحة إسماعيل بن جابر (6) وبالجملة فظواهر الأخبار المذكورة العموم. نعم يمكن أن يقال إن الظاهر من الروايات الدالة على نجاسة الميت بالموت وطهره بالغسل والروايات الدالة على أن الشهيد لا يغسل هو طهارة الشهيد وعدم نجاسته بالموت، وحينئذ فيكون حكمه حكم غيره