أقول: والمسألة لخلوها من نصوص أهل الخصوص لا تخلو من الاشكال وإن كان القول الثاني أوفق بالقواعد الشرعية وأدخل في تلك الضوابط المرعية.
(أما أولا) - فلما ذكر من التمسك بأصالة يقين الطهارة التي هي أقوى متمسك و (أما ثانيا) - فلأن المفهوم من النصوص أن الشارع لم يجعل الواقع مناطا لشئ من الأحكام وإنما بناها على ما يظهر للمكلف، ويعضده أن الذي دلت عليه نصوص هذا الباب هو أن الشارع قد ناط حكم الجنابة بالنسبة إلى خروج المني، أما بالعلم بخروجه كما تضمنته النصوص المستفيضة، أو بوجوده على بدن الجنب أو ثوبه المختص به كما تقدم في موثقتي سماعة، وما عدا ذلك فلم يدل عليه دليل، ولا يخفى على من تتبع مظان الأحكام أنه كثيرا ما يغلب على الظن بالقرائن الحالية أحد الأحكام الشرعية من نجاسة وحرمة ونحوهما، والشارع بمجرد معارضة احتمال ينافي ذلك وإن بعد لا يلتفت إلى ما غلب على الظن وترجح عنده كما في موثقة عمار الواردة في الفأرة المتفسخة (1) ونحوها.
و (أما ثالثا) - فلأن القول بثبوت الجنابة على واحد لا بعينه - مع اتفاقهم على صحة أفعال كل واحد منهما وسقوط أحكام الجنب عنه وأن مظهر الخلاف إنما هو في الصورتين المذكورتين - لا يخلو من تدافع.
إلا أن الحكم بعد لا يخلو عندي من شوب الاشكال، نظرا إلى أن المفهوم من النصوص في غير موضع من الأحكام - كما تقدم بسط الكلام عليه في مسألة الإناءين - أن الشارع قد أعطى المشتبه بالنجس حكم النجس والمشتبه بالحرام حكم الحرام في الأفراد المحصورة، ولم يلتفت إلى أصالة الحلية والطهارة في تلك المواضع، كما في مسألة الإناءين واللحم المختلط ذكيه بميته، والصلاة في كل من الثوبين المتيقن نجاسة أحدهما لا بعينه، ووجوب تطهير الثوب الذي أصاب بعض أجزائه النجاسة مع اشتباه موضع الإصابة بباقي