والتقريب فيهما أنهما ظاهرتان في أنه إذا رأت المرأة الدم بعد ما رأته أولا سواء كان الأول يوما أو أزيد، فإن كان بعد توسط عشرة أيام خالية من الدم كان الدم الثاني حيضة مستقلة، وإن كان قبل ذلك كان من الحيضة الأولى.
وأما ما ذكره في المدارك - بعد أن نقل عن الشيخ الاستدلال على هذا القول برواية يونس وصحيحة محمد بن مسلم حيث قال: " والجواب أن الرواية الأولى ضعيفة مرسلة والثانية غير دالة على المطلوب صريحا، إذ مقتضاها أن ما تراه في العشرة فهو من الحيضة الأولى ولا نزاع فيه لكن لا بد من تحقق الحيض أولا، قال في المعتبر بعد أن ذكر نحو ذلك: ونحن لا نسمي حيضا إلا ما كان ثلاثة فصاعدا، فمن رأت ثلاثة ثم انقطع ثم جاء في العشرة ولم يتجاوز فهو من الحيضة الأولى لا أنه حيض مستأنف، لأنه لا يكون بين الحيضتين أقل من عشرة. وهو حسن " انتهى - ففيه (أولا) - أن ما طعن به على رواية يونس من الضعف لا يقوم حجة على الشيخ ونحوه من المتقدمين الذين لا أثر لهذا الاصطلاح عندهم، بل اعترف جملة من محققي أصحاب هذا الاصطلاح كالمحقق الشيخ حسن في المنتقى والبهائي في مشرق الشمسين بصحة الأخبار كملا عند المتقدمين لوضوح الطرق الدالة على صحتها لديهم، وأن هؤلاء المتأخرين إنما جددوا هذا الاصطلاح لخفاء تلك القرائن التي أوجبت صحة الأخبار عند المتقدمين عليهم. و (ثانيا) - ما قدمناه في مقدمات هذا الكتاب من بطلان هذا الاصطلاح. و (ثالثا) - أن ما ذكره في صحيحة محمد بن مسلم من عدم دلالتها على المطلوب صريحا مؤذن بأنها دالة عليه ظاهرا وهو كاف في الاستدلال، فإنها وإن لم تكن في الصراحة كرواية يونس المذكورة إلا أنها ظاهرة في ذلك، وما ارتكبوه في تأويلها خلاف الظاهر بل تعسف محض كما لا يخفى على الخبير الماهر، وذلك فإن ظاهر الخبر المذكور ومثله الموثقة التي بعده أن العشرة التي وقع التفصيل فيها في الخبر بكون رؤية الدم قبل تمامها فيكون من الحيضة الأولى أو بعده فيكون حيضة مستقلة إنما هي عشرة