والثاني باطل، وإلا لزم القبح العقلي وهو حصول التكليف من غير عوض، ولأنه مخالف للعمومات الواردة من جهة الكتاب والسنة الدالة على الثواب في كل عبادة.
احتج: أبو حنيفة بوجوه:
أحدها: قوله تعالى ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا﴾ (1) ذكر الشرائط ولم يذكر النية، فلو كانت شرطا لوجب ذكرها.
الثاني: أنه أمر بالغسل، ومقتضى الأمر الإجزاء (2) بفعل المأمور به.
الثالث: إن الآية ليس فيها ذكر النية، فلو أوجبناها لكنا قد زدنا على النص، والزيادة على النص نسخ.
الرابع: أنها طهارة بالماء، فلا تفتقر إلى النية كغسل النجاسة.
الخامس: أنها غير عبادة، فلا تفتقر إلى النية كسائر الأفعال الخارجة عن كونها عبادة (3).
وبيان الصغرى: أنها لو كانت عبادة فإما مع النية أو بدونها، والثاني باطل لأنها لو كانت عبادة مع عدم النية بطل قولكم: كل عبادة تفتقر إلى النية، والأول باطل أيضا، وإلا لبطل قولكم أيضا بافتقار العبادة إلى النية، وإلا لزم اشتراط النية بالنية.
فالجواب عن الأول: أنه حجة لنا، لما بينا من أن المفهوم منه (إذا قمتم إلى الصلاة) فاغسلوا للصلاة (4). وأيضا: فإنه لم يذكر الشرائط بل ذكر أركان الوضوء،