يسمح شيئا منها جاز وهذه الروايات مرجوع عنها والصحيح انه يجب غسله لان البشرة خرجت من أن تكون وجها لعدم معنى المواجهة لاستتارها بالشعر فصار ظاهر الشعر الملاقي لها هو الوجه لان المواجهة تقع إليه والى هذا أشار أبو حنيفة فقال وإنما مواضع الوضوء ما ظهر منها والظاهر هو الشعر لا البشرة فيجب غسله ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية عندنا وعند الشافعي يجب (له) ان المسترسل تابع لما اتصل والتبع حكمه حكم الأصل (ولنا) انه إنما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن المسترسل وجها فلا يجب غسله ويجب غسل البياض الذي بين العذار والاذن في قول أبي حنيفة ومحمد وروى عن أبي يوسف انه لا يجب لأبي يوسف ان ما تحت العذار لا يجب غسله مع أنه أقرب إلى الوجه فلان لا يجب غسل البياض أولى ولهما ان البياض داخل في حد الوجه ولم يستر بالشعر فبقي واجب الغسل كما كان بخلاف العذار وادخال الماء في داخل العينين ليس بواجب لان داخل العين ليس بوجه لأنه لا يواجه إليه ولان فيه حرجا وقيل إن من تكلف لذلك من الصحابة كف بصره كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم (والثاني) غسل اليدين مرة واحدة لقوله تعالى وأيديكم ومطلق الامر لا يقتضى التكرار والمرفقان يدخلان في الغسل عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يدخلان ولو قطعت يده من المرفق يجب عليه غسل موضع القطع عندنا خلافا له وجه قوله إن الله تعالى جعل المرفق غاية فلا يدخل تحت ما جعلت له الغاية كما لا يدخل الليل تحت الامر بالصوم في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ولنا ان الامر تعلق بغسل اليد واليد اسم لهذه الجارحة من رؤس الأصابع إلى الإبط ولولا ذكر المرفق لوجب غسل اليد كلها فكان ذكر المرفق لاسقاط الحكم عما وراءه لا لمد الحكم إليه لدخوله تحت مطلق اسم اليد فيكون عملا باللفظ بالقدر الممكن وبه تبين ان المرفق لا يصلح غاية لحكم ثبت في اليد لكونه بعض اليد بخلاف الليل في باب الصوم الا ترى انه لولا ذكر الليل لما اقتضى الامر الا وجوب صوم ساعة فكان ذكر الليل لمد الحكم إليه على أن الغايات منقسمة منها ما لا يدخل تحت ما ضربت له الغاية ومنها ما يدخل كمن قال رأيت فلانا من رأسه إلى قدمه وأكلت السمكة من رأسها إلى ذنبها دخل القدم والذنب فإن كانت هذه الغاية من القسم الأول لا يجب غسلهما وإن كانت من القسم الثاني يجب فيحمل على الثاني احتياطا على أنه إذا احتمل دخول المرافق في الامر بالغسل واحتمل خروجها عنه صار مجملا مفتقرا إلى البيان وقد روى جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بلغ المرفقين في الوضوء أدار الماء عليهما فكان فعله بيانا لمجمل الكتاب والمجمل إذا التحق به البيان يصير مفسرا من الأصل (والثالث) مسح الرأس مرة واحدة لقوله تعالى وامسحوا برؤوسكم والامر المطلق بالفعل لا يوجب التكرار واختلف في المقدار المفروض مسحه ذكره في الأصل وقدره بثلاث أصابع اليد وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه قدره بالربع وهو قول زفر وذكر الكرخي والطحاوي عن أصحابنا مقدار الناصية وقال مالك لا يجوز حتى يمسح جميع الرأس أو أكثره وقال الشافعي إذا مسح ما يسمى مسحا يجوز وإن كان ثلاث شعرات وجه قول مالك أن الله تعالى ذكر الرأس والرأس اسم للجملة فيقتضى وجوب مسح جميع الرأس وحرف الباء لا يقتضى التبعيض لغة بل هو حرف الصاق فيقتضى الصاق الفعل بالمفعول وهو المسح بالرأس والرأس اسم لكله فيجب مسح كله الا أنه إذا مسح الأكثر جاز لقيام الأكثر مقام الكل وجه قول الشافعي ان الامر تعلق بالمسح بالرأس والمسح بالشئ لا يقتضى استيعابه في العرف يقال مسحت يدي بالمنديل وان لم يمسح بكله ويقال كتبت بالقلم وضربت بالسيف وان لم يكتب بكل القلم ولم يضرب بكل السيف فيتناول أدنى ما ينطلق عليه الاسم ولنا ان الامر بالمسح يقتضى آلة إذا المسح لا يكون الا بآلة وآلة المسح هي أصابع اليد عادة وثلاث أصابع اليد أكثر الأصابع وللأكثر حكم الكل فصار كأنه نص على الثلاث وقال وامسحوا برؤوسكم بثلاث أصابع أيديكم وأما وجه التقدير بالناصية فلان مسح جميع الرأس ليس بمراد من الآية بالاجماع ألا ترى أنه عند مالك ان مسح جميع الرأس الا قليلا منه جائز فلا يمكن حمل الآية على جميع الرأس ولا على بعض مطلق وهو أدنى ما ينطلق عليه الاسم كما قاله الشافعي لان ماسح
(٤)