بعادتها لا بالتمييز.
وروى الشيخ في الصحيح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين؟ قال: (إن كان دما عبيطا فلا تصلي ذلك اليومين، وإن كانت صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين) (1) وذلك مطلق، فالتقييد بذات العادة غير مدلول من اللفظ، فلا يصار إليه إلا لدليل. على أن الحكم معلق على الصفة، وذلك لا يعتبر في ذات العادة، وقد سلف. ولأنها رأت دما يمكن أن يكون حيضا في وقت يمكن للحيض، فكان حيضا كذات العادة، والمستمر بها الدم ثلاثة. ولأن الاحتياط للصلاة في حق الحائض غير معتبر شرعا، فإن ذات العادة إذا استمر بها الدم بعد عادتها تستظهر بيوم أو يومين في ترك العبادة لما بينا (2)، وذلك ينافي الاحتياط. ولأن الاحتياط لو اعتبر في المبتدئة كان الموجب له إنما هو ثبوت الصلاة في الذمة مع عدم العلم بالمزيل، وهذا المعنى يتحقق في ذات العادة، فإنها ربما تتغير عادتها وينقطع الدم لدون الأقل، فكان ينبغي الاحتياط لشغل الذمة المتيقن مع عدم العلم بالمزيل.
لا يقال: هذا هو الأصل، إلا أن الظن حاصل ها هنا بأنه حيض بخلاف صورة النزاع، فإن الظن بكون الدم المرئي في العادة حيضا ليس كالظن بكون المرئي في الابتداء حيضا.
لأنا نقول: إن اعتبرت مطلق الظن فهو موجود ها هنا، فإن العادة قاضية بأن المرأة في سن البلوغ ترى الحيض، فإذا رأت في وقته ما هو بصفته، غلب على ظنها أنه حيض، وإن اعتبرت ظنا غالبا، فلا بد من الإشارة إلى تلك المرتبة من الظن، ثم من الدلالة على أن تلك المرتبة موجبة للحكم دون الأقل منها، وهما ممتنعان، ثم كيف اعتبر السيد