تعالى سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة، ويروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس على المستودع ضمان) ويروى عن الصحابة الذين ذكرناهم ولان المستودع مؤتمن فلا يضمن ما تلف من غير تعديه وتفريطه كالذي ذهب مع ماله ولان المستودع إنما يحفظها لصاحبها متبرعا من غير نفع يرجع عليه فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع وذلك مضر لما بيناه من الحاجة إليها وما روي عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها فلا ينافي ما ذكرنا، فأما إن تعدى المستودع فيها أو فرط في حفظها فتلفت ضمن بغير خلاف نعلمه لأنه متلف لمال غيره فضمنه كما لو أتلفه من غير استيداع (فصل) إذا شرط رب الوديعة على المستودع ضمان الوديعة فقبله أو قال أنا ضامن لها لم يضمن قال أحمد في المودع إذا قال أنا ضامن لها فسرقت فلا شئ عليه وكذلك كل ما أصله الأمانة كالمضاربة ومال الشركة والرهن والوكالة وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وابن المنذر وذلك لأنه شرط ضمان ما لم يوجد سبب ضمانه فلم يلزمه كما لو شرط ضمان ما يتلف في يد مالكه (مسألة) قال (فإن خلطها بماله وهي لا تتميز أو لم يحفظها كما يحفظ ماله أو أودعها غيره فهو ضامن) في هذه المسألة ثلاث مسائل (إحداهن) ان المستودع إذا خلط الوديعة بما لم تتميز منه من ماله أو مال غيره ضمنها سواء خلطها بمثلها أو دونها أو أجود من جنسها أو غير جنسها مثل أن يخلط دراهم بدراهم أو دهنا بدهن كالزيت بالزيت أو السمن أو بغيره وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال ابن القاسم ان خلط دراهم بدراهم على وجه الحرز لم يضمن، وحكي عن مالك لا يضمن الا أن يكون دونها لأنه لا يمكنه ردها إلا ناقصة ولنا انه خلطها بماله خلطا لا يتميز فوجب أن يضمنها كما لو خلطها بدونها ولأنه إذا خلطها بما لا يتميز فقد فوت على نفسه امكان ردها فلزمه ضمانها كما لو ألقاها في لجة بحر، وان أمره صاحبها
(٢٨١)