الشعبي والنخعي وداود بن أبي هند ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وروى ذلك عن شريح ومسروق وعطاء وطاوس والزهري وأبي جعفر محمد بن علي، وروي عن النخعي الأمانة قبل الدين وقال الحارث العكلي: الدين قبل الأمانة ولنا أنهما حقان وجبا في ذمته فتساويا كالدينين وسواء وجد في تركته من جنس الوديعة أو لم يوجد وهذا إذا أقر المودع ان عندي وديعة أو علي وديعة لفلان أو ثبت بينة أنه مات وعنده وديعة فأما إن كانت عنده وديعة في حياته ولم توجد بعينها ولم يعلم هل هي باقية عنده أو تلفت؟ ففيه وجهان (أحدهما) وجوب ضمانها لأن الوديعة يجب ردها الا أن يثبت سقوط الرد بالتلف من غير تعد ولم يثبت ذلك ولان الجهل بعينها كالجهل بها وذلك لا يسقط الرد (والثاني) لا ضمان عليه لأن الوديعة أمانة والأصل عدم اتلافها والتعدي فيها فلم يحب ضمانها وهذا قول ابن أبي ليلى واحد الوجهين لأصحاب الشافعي وظاهر المذهب الأول لأن الأصل وجوب الرد فيبقى عليه ما لم يوجد ما يزيله (فصل) وان مات وعنده وديعة معلومة بعينها فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها فإن لم يعلم بموت صاحبها من أخذها وجب عليهم إعلامه بها وليس لهم إمساكها قبل أن يعلم بها ربها لأنه لم يأتمنهم عليها وإنما حصل مال غيرهم في أيديهم بمنزلة من أطار ت الريح إلى داره ثوبا وعلم به فعليه اعلام صاحبه به فإن أخر ذلك مع الامكان ضمن كذا هاهنا ولا تثبت الوديعة إلا باقرار من الميت أو ورثته أو ببينة تشهد بها وان وجد عليها مكتوب وديعة لم يكن حجة عليهم لجواز أن يكون الظرف كانت فيه وديعة قبل هذا أو كان وديعة لموروثهم عند غيره أو كانت وديعة فابتاعها وكذلك لو وجد في رزمانج أبيه ان لفلان عندي وديعة لم يلزمه بذلك لجواز أن يكون قد ردها ونسي الضرب على ما كتب أو غير ذلك.
(مسألة) قال (وإذا طالبه بالوديعة فقال ما أودعتني ثم قال ضاعت من حرز كان ضامنا لأنه خرج من حال الأمانة ولو قال مالك عندي شئ ثم قال ضاعت من حرز كان القول قوله ولا ضمان عليه وجملة ذلك أنه إذا ادعى على رجل وديعة فقال ما أودعتني ثم ثبت أنه أودعه فقل أودعتني وهلكت من حرزي لم يقل قوله ولزمه ضمانها وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي لأنه مكذب لانكاره الأول ومعترف على نفسه بالكذب المنافي للأمانة وان أقر له بتلفها من حرزه قبل جحده فلا ضمان عليه وان أقر أنها تلفت بعد جحوده لم يسقط عنه