(فصل) فأما نظر المرأة إلى الرجل ففيه روايتان (إحداهما) لها النظر إلى ما ليس بعورة (والأخرى) لا يجوز لها النظر من الرجل الا إلى مثل ما ينظر إليه منها اختاره أبو بكر وهذ أحد قولي الشافعي لما روى الزهري عن نبهان عن أم سلمة قالت: كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا وحفصة فاستأذن ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (احتجبن منه) فقلت يا رسول الله انه ضرير لا يبصر قال (أفعمياوان أنتما لا تبصرانه؟) رواه أبو داود وغيره، ولان الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن كما أمر الرجال به، ولأن النساء أحدث نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسا على الرجال يحققه أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلا فتسارع الفتنة إليها أكثر ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك) متفق عليه، وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائة وانا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد متفق عليه، ويوم فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد مضي إلى النساء فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة، ولأنهن لو منعن النظر لوجب على الرجال الحجاب كما وجب علي النساء لئلا ينظرن إليهم، فأما حديث نبهان فقال أحمد نبهان روى حديثين عجيبين يعني هذا الحديث، وحديث (إذا كان لا حدا كن مكاتب فلتحتجب منه) وكأنه أشار إلى ضعف حديثه إذا لم يرو الا هذين الحديثين
(٤٦٥)