وأخذ ابن عقيل من هذه الرواية أن أحمد رجع عن القول بالاعتاق من الزكاة وهذا والله أعلم من احمد إنما كان على سبيل الورع فلا يقتضي رجوعا لأن العلة التي تملك بها جر الولاء ومذهبه أن ما رجع من الولاء رد في مثله فلا ينتفع إذا باعتاقه من الزكاة (فصل) ولا يجوز أن يشتري من زكاته من يعتق عليه بالرحم وهو كل ذي رحم محرم فإن فعل عتق عليه ولم تسقط عنه الزكاة.
وقال الحسن لا بأس أن يعتق أباه من الزكاة لأن دفع الزكاة لم يحصل إلى أبيه وإنما دفع الثمن إلى بائعه ولنا أن نفع زكاته عاد إلى أبيه فلم يجز كما لو دفعها إليه ولان عتقه حصل بنفس الشراء مجازاة وصلة للرحم فلم يجز أن يحتسب له به عن الزكاة كنفقة أقاربه، ولو أعتق عبده المملوك له عن زكاته لم يجز لأن أداء الزكاة عن كل مال من جنسه والعبد ليس من جنس ما تجب الزكاة فيه ولو أعتق عبدا من عبيده للتجارة لم يجز لأن الواجب في قيمتهم لا في عينهم (فصل) ويجوز أن يشتري من زكاته أسيرا مسلما من أيدي المشركين لأنه فك رقبة من الاصر فهو كفك رقبة العبد من الرق ولان فيه اعزازا للدين فهو كصرفه إلى المؤتلفة قلوبهم ولأنه يدفعه إلى الأسير لفك رقته فأشبه ما يدفعه إلي الغارم لفك رقبته من الدين.
(مسألة) (قال فما رجع من الولاء رد في مثله) يعنى يعتق به أيضا، وبهذا قال الحسن وإسحاق وقال أبو عبيد الولاء للمعتق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الولاء لمن أعتق) وقال مالك ولاؤه لسائر المسلمين لأنه مال لا مستحق له أشبه مال من لا وارث له، وقال العنبري يجعله في بيت المال للصدقات لأن عتقه من الصدقة فولاؤه يرجع إليها، ولان عتقه بمال هو الله والمعتق نائب عن الله تعالى في الشراء والاعتاق فلم يكن الولاء له كما لو توكل في الاعتاق وكالساعي إذا اشترى من الزكاة رقبة وأعتقها، ولان الولاء أثر الرق، وفائدة من المعتق فلم يجز أن يرجع إلى المزكي لا فضائه إلى أن ينتفع بزكاته، وقد روي عن أحمد ما يدل على أن الولاء له وقد سبق ذلك في باب الولاء.
(فصل) ويعقل عنه اختاره الخلال وعن أحمد رواية أخرى أنه يعقل عنه اختارها أبو بكر لأنه معتق فيعقل عنه كالذي أعتقه من ماله وإنما لم يأخذ ميراثه بالولاء لئلا ينتفع بزكاته والعقل عنه ليس بانتفاع فيبقى على الأصل