(فصل) والأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقول الله تعالى (فانكحوا) ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) الآية وقوله (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء) متفق عليه في آي وأخبار سوى ذلك كثيرة، وأجمع المسلمون على أن النكاح مشروع، واختلف أصحابنا في وجوبه فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب الا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه اعفاف نفسه، وهذا قول عامة الفقهاء، وقال أبو بكر بن عبد العزيز هو واجب وحكاه عن أحمد وحكى عن داود أنه يجب في العمر مرة واحدة للآية والخبر ولنا أن الله تعالى حين أمر به علقه على الاستطابة بقوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) والواجب لا يقف على الاستطابة وقال (مثنى وثلاث ورباع) ولا يجب ذلك بالاتفاق فيدل على أن المراد بالامر الندب وكذلك الخبر يحمل على الندب أو على من يخشى على نفسه الوقوع في المحذور بترك النكاح قال القاضي وعلى هذا يحمل كلام احمد وأبي بكر في إيجاب النكاح (فصل) والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور ان ترك النكاح فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه اعفاف نفسه وصونها عن الحرام وطريقه النكاح (الثاني) من يستحب له وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور فهذا الاشتغال به أولى من التخلي لنوافل العبادة وهو قول أصحاب الرأي وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم
(٣٣٤)